مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: الاستئذان من أجل البصر

          ░11▒ باب الاستئذان من أجل البصر
          فيه حديث سفيان، قال الزهري: حفظته كما أنك ها هنا، إلى آخره.
          وحديث أنس أن رجلاً اطلع.. الحديث.
          (الجحر): بضم أوله وإسكان ثانيه: الخرق، المدرى: بكسر الميم يشبه المشط، وهي منونة؛ لأن وزنه مفعل، ليس فعللاً، قال ابن فارس: مدرت المرأة إذا سرحت شعرها.
          والمشقص: بكسر الميم / أيضاً نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض، فإن كان عريضاً فهو المعبلة. وعبارة الجوهري: الشقص والمشقص هو الطويل من النصال العريض. وقال الخطابي: هو نصل عريض. وقيل: هو سهم فيه سن عريض، وقيل: هو الطويل ليس بعريض.
          ويختل بكسر المثناة فوق أي: يحتال فيراوغه ويستغفله ويطعنه، قال الجوهري: طعنه بالرمح، وطعن في السن. يطعن بالضم طعناً، قال: وطعن فيه بالقول، يطعن أيضاً طعناً وطعناناً، وحكى ابن فارس عن بعضهم: طعن بالرمح، وطعن بالقول، يطعن بالفتح.
          والحديث دل على هدر المفعول به، وجواز رميه بشيء خفيف، وقيل: إن ذلك على وجه التهديد والتغليظ، ولو وقع الفعل للضرورة قد لا تكون تلك العقوبة، وكذلك يفعل الأئمة في التغليظ والإرهاب، وكذا من عض رجلاً فندرت سنه يقتص منه عند مالك خلافاً للشافعي وابن نافع، قال يحيى بن عمر: ولعله لم يبلغه الحديث.
          وهل يجوز الرمي قبل الإندار؟! فيه وجهان: أصحهما: نعم؛ لظاهر الحديث.
          وهذا الحديث يبين معنى الاستئذان، وأنه إنما جعل خوف النظر إلى عورة المؤمن وما لا يحل منه، فلا يحل لأحد أن ينظر في جحر باب وشبهه فما هو متعرض فيه لوقوع البصر على أجنبية.
          وفي ((الموطأ)) عن عطاء بن يسار أن رجلاً قال: يا رسول، الله أستأذن على أمي؟ قال: ((نعم)) قال: إني معها في البيت! قال: ((استأذن عليها؛ أتحب أن تراها عريانة؟!)) قال: لا قال: ((فاستأذن عليها)).
          وروي عن علي أنه قال: لا يدخل الغلام إذا احتلم على أمه وعلى أخته، إلا بإذن.
          وأصل هذا كله في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}الآية [النور:58] قال أبو عبيد: فأما ذكور المماليك فعليهم الاستئذان في الأحوال كلها.
          وهذا الحديث يرد قول أهل الظاهر، ويكشف غلظهم في إنكارهم العلل والمعاني، وقولهم: إن الحكم للأسماء خاصة؛ لأنه ◙ علل الاستئذان أنه إنما جعل من أجل البصر، فدل ذلك على أنه ◙ أوجب أشياء وحظر أشياء؛ من أجل معان علق التحريم بها. ومن أبى هذا رد نص السنن، وقد ورد القرآن بمثل هذا كثيراً من قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ} [الأنبياء:31]، وقوله: {مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} الآية [الحشر:7]، وقوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ} [النساء:165] وقوله: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا} [سبا:17] في مواضع كثيرة، فلا يلتفت إلى ما يخالف ذلك.