مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب المعانقة وقول الرجل: كيف أصبحت؟

          ░29▒ باب المعانقة وقول الرجل: كيف أصبحت؟
          فيه حديث الزهري عن عبد الله بن كعب، أن ابن عباس أخبره، الحديث.
          قد أسلفنا أن (خ) انفرد / برواية الزهري عن عبد الله بن كعب عن الأئمة الخمسة، وقد روى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن جده، وكذلك (م) وهو الصحيح.
          وذكر المعانقة مضروب عليه في أصل الدمياطي.
          وقال المهلب: ترجم بالمعانقة ولم يذكرها فيه، وإنما أراد أن يدخل فيه معانقة رسول الله للحسين.
          حديث: ((أين لكع)) السالف، من حديث أبي هريرة في باب: ما ذكر في الأسواق، فجاء يشد حتى عانقه وقبله.. الحديث. ولم أجد له سنداً غير السند الذي أدخله به في غير هذا الباب، فمات قبل ذلك وبقي الباب فارغاً من ذكر المعانقة. وتحته باب آخر: قول الرجل: كيف أصبحت. وأدخل حديث علي فلما وجد ناسخ الكتاب الترجمتين متواليتين ظنهما واحدة؛ إذ لم يجد بينهما حديثاً، وفي كتاب الجهاد من تتابع الأبواب الفارغة مواضع لم يدرك أن يتمها بالأحاديث. ويصحح ذلك أن في بعض الروايات باب: المعانقة قول الرجل: كيف أصبحت؟ بغير واو بينهما، فدل على أنهما بابان جمعهما الناسخ.
          واختلف في المعانقة، فكرهها مالك، في المشهور عنه، وأجازها غيره، بل هو في رسالته لهارون أن يعانق قريبه يقدم من سفره، لكن قال الشيخ أبو محمد: وقيل: لم تثبت هذه الرسالة لمالك.
          وفي ((المعونة)): كره المعانقة؛ لأنها لم ترد عن رسول الله ولا عن السلف، مع أنها من أخلاق العامة، إلا أن يكون ذلك من طول اشتياق، وقدوم من غيبة أو مع الأهل وشبه ذلك.
          وروى عبد الرزاق، عن سليمان بن داود قال: رأيت الثوري ومعمراً حين التقيا احتضنا وقبل كل واحد منهما صاحبه.
          ووردت في المعانقة آثار: ذكر (ت)، عن ابن إسحاق، عن عروة، عن عائشة قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه رسول الله عرياناً يجر ثوبه، والله ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله.
          قال المهلب: وفي أخذ العباس بيد علي جواز المصافحة. وفيه: جواز قول الرجل يسأل عن حال العليل: كيف أصبح؟ وإذا جاز أن يقال: كيف أصبح؟ جاز أن يقال: كيف أصبحت؟ ولكن لا يكون هذا إلا بعد التحية المأمور بها في السلم.
          وقول العباس: (ألا تراه؟ أنت والله بعد ثلاث عبد العصا) يعني بقوله: (ألا تراه ميتا؟) أي: فيه علامة الموت ثم قال له بعد ثلاث (أنت عبد العصا) فيه: جواز اليمين على ما قام عليه الدليل.
          وفيه: أن الخلافة لم تكن مذكورة بعد رسول الله لعلي أصلاً؛ لأنه قد حلف العباس أنه مأمور لا آمر لما كان يعرف من توجيه رسول الله بها إلى غيره، وفي سكوت علي [على] ما قال العباس وحلف عليه دليل على علم علي بما قال العباس أنه مأمور من غيره، وما خشيه علي من أن يصرح رسول الله بصرف الخلافة إلى غير بني المطلب فلا يمكنه أحد بعده منها ليس كما ظن والله أعلم؛ لأنه ◙ قد قال: ((مروا أبا بكر يصلي بالناس)) فقيل له: لو أمرت عمر. فلم ير ذلك ومنع عمر من التقدم، فلم يكن ذلك محرمها على عمر بعد.
          قوله: (إن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا) ضبطه بعضهم بمد الهمزة؛ أي: شاورناه، والذي قرأناه (أمرناه) من الأمر، مقصور بغير مد، وفي ((الصحاح)): آمرناه بالمد: شاورناه.
          قال الداودي: أصل كيف أصبحت؟ من طاعون عمواس، واستبعده غيره وقال: قال الناس لعلي: كيف أصبح رسول الله؟ وكان ذلك قبل طاعون عمواس. قال: والعرب أيضاً كانت تقوله قبل الإسلام.