مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب زنا الجوارح دون الفرج

          ░12▒ باب زنا الجوارح دون الفرج
          فيه حديث ابن عباس: لم أر شيئاً أشبه باللمم إلى آخره. معنى: كتب: قدر، فلا تخلص منه.
          قوله: (والفرج يصدق ذلك) احتج به أشهب أنه إذا قال: زنى يدك أو رجلك أنه لا حد عليه، وخالفه ابن القاسم، وقال الشافعي إذا قال: زنت يدك تحد(1). وقال بعض أصحابنا: لا يحد، قال الخطابي: لأن الأفعال من فاعلها تضاف إلى الأيدي، كقوله: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30].
          ولم يختلف إذا قال: زنى فرجك أنه يحد له.
          ومعنى: (لا محالة): لا حيلة للتخلص من إدراك ما كتب عليه.
          وزنا العين فيما زاد على النظرة الأولى التي لا تملك مما تستديم النظر إليه على سبيل اللذة والشهوة، وكذلك زنا المنطق فيما يلتذ به من محادثة من لا يحل له ذلك منه، وزنا النفس تمني ذلك وتشهيه، فهذا كله يسمى زنا؛ لأنه من دواعي زنا الفرج.
          قال المهلب: وكل ما كتبه الله على ابن آدم فهو سابق في علم الله، لا بد أن يدركه المكتوب وأن الإنسان / لا يملك دفع ذلك عن نفسه غير أن الله تفضل على عباده وجعل ذلك لمما وصغائر، لا يطالب بها عباده إذا لم يكن للفرج تصديق لها، فإذا صدقها الفرج كان ذلك من الكبائر؛ رفقاً من الله بعباده؛ ورحمة لهم، لما جبلهم عليه من ضعف الخلقة ولو واخذه عباده باللمم، أو ما دونه من حديث النفس، لكان ذلك عدلاً منه في عباده وحكمة، لا يسأل عما يفعل وله الحجة البالغة، لكن قبل منهم اليسير وعفا لهم عن الكثير؛ تفضلاً منه وإحساناً.
          قال والدي ⌂:
          (باب آية الحجاب).
          قوله: (ابن وهب) هو عبد الله ولفظ الغيبة في (أنه كان) إما التفات من التكلم إلى الغيبة وإما تجريد من نفسه شخصاً آخر يحكي عنه.
          قوله: (أعلم الناس) فيه أنه يجوز للعالم أن يصف ما عنده من العلم على وجه التعريف لا على سبيل الفخر والإعجاب و(شأن الحجاب) أي: آية الحجاب، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآية [الأحزاب:53] و(أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وشدة التحتانية، وإنما ذكر هذا ليبين كونه أعلم لأن أبيا مع جلالته وكونه أقرأ الناس كان يستفيد منه ذلك و(المتنبي) مفعول من الابتناء وهو الزفاف و(زينب بنت جحش) بفتح الجيم وسكون المهملة وبالمعجمة الأسدية و(العروس) نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما مر في سورة الأحزاب.
          قوله: (أبو النعمان) محمد بن الفضل المشهور بعارم بالمهملة والراء و(معتمر) أخو الحاج ابن سليمان التيمي و(أبو مجلز) بكسر الميم وإسكان الجيم وفتح اللام وبالزاي اسمه لاحق ضد السابق و(السدوسي) بالمهملات و(أخذ) أي: طفق قالوا فيه أن المضيف لا يحتاج في القيام والخروج إلى إذن الأضياف وفيه جواز التعريض بالقيام من عنده.
          قوله: (إسحاق) إما ابن إبراهيم وإما ابن منصور و(يعقوب) هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري و(القبل) بكسر القاف وفتح الموحدة الجهة و(المناصع) بصيغة منتهى الجموع بالنون وبالمهملتين موضع معروف بالمدينة، ومر الحديث في الوضوء وقال ثمة إنه هو صعيد أفيح بالفاء والتحتانية وبالمهملة أي واسع و(سودة) بفتح المهملة وإسكان الواو بنت زمعة بالزاي والميم والمهملة المفتوحات وقيل بسكون الميم العامرية وفي لفظ (احجب نساءك) التزام النصيحة لرسول الله صلعم.
          وفيه فضيلة عمر ☺ حيث نزل القرآن على وفق رأيه.
          قوله: (كما أنك هاهنا) أي: حفظته حفظاً ظاهراً كالمحسوس بلا شك ولا شبهة فيه و(الجحر) المذكور أولاً الثقبة بتقديم الجيم والمذكور ثانياً جمع الحجرة بتقديم الحاء و(المدرى) بكسر الميم وتسكين المهملة وبالراء مقصوراً حديدة يسرح بها الشعر، الجوهري: شيء كالمسلة يكون مع الماشطة تصلح بها قرون النساء و(جعل) أي: شرع الاستئذان في الدخول لأجل أن لا يقع البصر على عورة أهل البيت ولئلا يطلع على أحوالهم سبق في كتاب اللباس في باب الامتشاط.
          قوله: (عبيد الله) مصغراً، ابن أبي بكر بن أنس ابن مالك و(المشقص) بكسر الميم وبالمعجمة والقاف والمهملة، النصل الطويل العريض و(يختل) بكسر الفوقانية؛ أي: يأتيه من حيث لا يشعر.
          وفيه جواز قصد عين الناظر إلى أهل دار غيره ويستدل به من لا يرى القصاص على من فقأ عين مثل هذا الناظر ويجعلها هدراً.
          قوله: (الجوارح) جمع: الجارحة وجوارح / الإنسان أعضاؤه التي يكتسب بها و(الحميدي) بضم المهملة وسكون التحتانية عبد الله و(ابن طاوس) أيضاً عبد الله و(اللمم) ما يلم به الشخص من شهوات النفس، وقيل هو المقارب من الذنوب وقيل: هو صغائر الذنوب والمفهوم من كلام ابن عباس أنه النظر والنطق والتمني.
          الخطابي: يريد به المعفو عنه المستثنى في كتاب الله تعالى فيما قال: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم:32] وسمي النظر والمنطق زنا؛ لأنهما من مقدماته وحقيقته إنما يقع بالفرج.
          قال ابن بطال: كل ما كتب الله على ابن آدم فهو سابق في علم الله لا بد أن يدركه المكتوب عليه وإن الإنسان لا يملك دفع ذلك عن نفسه غير أن الله تعالى تفضل على عباده وجعل ذلك لمماً لا يطالب بها عباده إذا لم يكن للفرج تصديق بها فإذا صدقها الفرج كان ذلك من الكبائر.
          قوله: (لا محالة) بفتح الميم أي: لا حيلة له في التخلص من إدراك ما كتب عليه، ولا بد من ذلك و(تمني) حذف منه إحدى التاءين.
          فإن قلت: التصديق والتكذيب من صفات الأخبار فما معناهما هنا؟ قلت: لما كان التصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع والتكذيب الحكم بعدمها فكأنه هو الموقع أو الواقع فهو تشبيه، أو لما كان الإيقاع مستلزماً للحكم بها عادة فهو كناية.
          الزركشي:
          وإنما أدخل حديث الحجاب في أبواب الاستتئذان لأنه صلعم لم يستأذنهم حين قام ففيه من الفقه أنه لا يشرع حينئذ.
          وفيه أنه تهيأ للقيام وهو يريد أن يقوموا وقد ترجمه (خ) فيما بعد بذلك وإفراده حديث عمر بعد قضية زينب لا تنافي ذلك لأنه حرض على ذلك حتى وقع بهذا السبب.
          (المشقص) بميم مكسورة نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض فإذا كان عريضاً فهو الغيلة.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: والأصح عند الشافعي أنه كنانة قاله في الروضة)).