مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا

          ░21▒ باب من لم يسلم على من اقترف ذنبا
          وقال عبد الله بن عمر: إلى آخره، فيه حديث كعب حين تخلف عن تبوك.. الحديث.
          (شربة الخمر) بفتح الشين والراء، كأنه جمع شارب مثل آكل وأكلة، ولم يجمعه اللغويون كذلك، وإنما جمعوه شارب وشرب، مثل صاحب وصحب، وجمع الشرب: شروب.
          قوله: (وإلى متى تتبين توبة العاصي) ليس في ذلك حد محدود، ولكن معناه أنه لا تتبين توبته من ساعته ولا يومه حتى يمر عليه ما يدل على ذلك.
          وروى ابن وهب، عن يزيد بن أبي حبيب قال: لو مررت على قوم يلعبون بالشطرنج ما سلمت عليهم.
          وكان سعيد بن جبير إذا مر على أصحاب النرد لم يسلم عليهم.
          ورخص مالك في السلام على من لم يدمن اللعب بها.
          قال الداودي: ليس ما كان من أمر كعب وصاحبيه حدًّا لذلك؛ لأنه لم يوقت لهم ذلك في أول الأمر، وإنما وقف عنه حتى شاء الله، وقد انتظر الوحي فليس يعرف توبة أحد أنها قبلت.
          قوله: (كملت) هو مثلث الميم، قال في ((الصحاح)): والكسر أردؤها.
          والمبتدع من اقترف ذنباً عظيماً ولم يتب منه، فينبغي أن لا يسلم عليه ولا يرد ◙، كما ذكره (خ) وغيره من العلماء محتجين بقصة كعب، فإن اضطر إلى السلام على الظلمة سلم عليهم، وينوي أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، المعني: الله عليكم رقيب.
          قال المهلب: ترك الكلام على العصاة بمعنى التأديب لهم سنة ماضية، لحديث كعب بن مالك وصاحبيه الذين خلفوا، وبذلك قال كثير من أهل العلم في أهل البدع: لا يسلم عليهم أدباً لهم.
          وروي عن علي أنه قال: لا تسلموا على مدمني الخمر، ولا على الملتهي بأبويه، وكذلك كان في قطع الكلام عن كعب وصاحبيه حين تخلفوا وإظهار الموجدة عليهم أبلغ في الأدب لهم، فالإعراض أدب بالغ؛ ألا ترى قوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء:34] الآية.