مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «قوموا إلى سيدكم»

          ░26▒ باب قول النبي صلعم: ((قوموا إلى سيدكم))
          فيه حديث أبي سعيد في قصة أهل قريظة.
          فيه: أمر السلطان والحاكم بإكرام السيد من المسلمين، وجواز إكرام أهل الفضل في مجلس السلطان الأكبر والقيام فيه لغيره من أصحابه، وإلزام الناس كافة للقيام إلى سيدهم.
          وأما حديث مسعر بسنده عن أبي إمامة قال: خرج علينا النبي صلعم متوكئاً على عصاه فقمنا له، فقال: ((لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض))، فضعيف.
          وروى حماد بن زيد عن ابن عون قال: كان المهلب بن أبي صفرة يمر بنا ونحن غلمان في الكتاب فنقوم، ويقوم الناس سماطين.
          وروى (ن) بإسناد جيد عن عائشة قالت: كان ◙ إذا رأى فاطمة ابنته قد أقبلت رحب بها، ثم قام إليها فقبلها، ثم أخذ بيدها حتى يجلسها في مكانه.
          وقال ابن التين: قوله: ((قوموا إلى سيدكم)) هو إجلال له؛ لموضعه من الدين ومن رسول الله وأمن عليه الفتنة، وقد قام طلحة لكعب حين تيب عليه. فلم ينكره رسول الله، وإنما يكره القيام تعظيماً لأهل الدنيا.
          وسئل مالك عن المرأة تبالغ في بر زوجها فتلقاه، وتنزع ثيابه، وتفليه وتقف بين يديه حتى يجلس، فقال: أما تلقيها ونزعها فلا بأس، وأما قيامها حتى يجلس فلا، وهذا فعل الجبابرة، وربما يكون الناس ينتظرونه فإذا طلع قاموا إليه، فليس هذا من أمر الإسلام. ويقال: إن عمر بن عبد العزيز فعل ذلك له أول ما ولي حين خرج إلى الناس فأنكره، وقال: إن تقوموا نقم وإن تقعدوا نقعد، وإنما يقوم الناس لرب العالمين.
          وقال ابن قتيبة: معنى حديث معاوية وبريدة من أراد أن يميل الرجال على رأسه كما يقام بين يدي الملوك والأمراء وليس يقام الرجل لابنه إذا سلم عليه من هذا في شيء لقوله من سره أن يقوم له الرجال صفونا والصافن هو الذي أطال القيام فاحتاج لطول قيامه أن يرفع إحدى رجليه ليستريح، وكذلك الصافن من الدواب.
          قال الداودي: فيه أيضاً جواز الدعاء بـ(يا سيدي). ومالك يكرهه ويقال: يدعى بما في القرآن ولعله لم يبلغه الحديث، وليس فيه ما يرد قوله بل هو مؤيد لقوله في ((جامع المختصر)) يقول العبد: يا سيدي قال تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا} [يوسف:25]، وقال: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران:39].
          قوله: (بما حكم به الملك) هو بكسر اللام وفتحها، والأول ضبط الأصيلي، ويوضحه رواية: ((بحكم الله)) ومعنى الثاني جبريل.