مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط

          ░51▒ باب الختان بعد الكبر
          فيه ثلاثة أحاديث:
          1- حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله: ((الفطرة خمس))
          2- حديث عن الأعرج، عن أبي هريرة أنه ◙ قال: ((اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة)).
          3- حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض رسول الله؟
          الكبر في الترجمة بكسر الكاف وفتح الباء مصدر كبر يكبر كبراً؛ أي: أسن ويكبر أيضاً بكسر الباء، قال الإسماعيلي: وقول من قال: وكانوا إلى آخره. لا يدري من قول إسرائيل، أو أبي إسحاق، أو من بعدهم. وسلف معنى الفطرة.
          والختان واجب عندنا على الرجال والنساء على أظهر الأقوال.
          ثانيها: سنة فيهما. ثالثها: أنه واجب على الرجال دون النساء والثاني قول مالك والكوفيين؛ لقوله: ((الفطرة خمس)) فذكر الختان. والفطرة: السنة؛ لأنه ◙ جعلها من جملة السنن فأضافها إليها، وروي مرفوعاً: ((الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء)) قلت: هو ضعيف، ولما أسلم سلمان لم يأمره الشارع بالاختتان ولو كان فرضاً لم يترك أمره بذلك.
          واختلف في وقت الختان: فعندنا بعد البلوغ، ويستحب في السابع بعد الولادة؛ اقتداء بأمر رسول الله في الحسن والحسين، فإنه ختنهما يوم السابع من ولادتهما، رواه الحاكم في ((مستدركه)) من حديث عائشة، وقال: صحيح الإسناد.
          وقال الليث: الختان للغلام ما بين السبع سنين إلى العشر. وقال مالك: عامة ما رأيت الختان ببلدنا إذا اثغر. وقال مكحول: إن إبراهيم ◙ ختن ابنه إسحاق لسبعة أيام، وختن ابنه إسماعيل لثلاث عشرة سنة.
          وروي عن أبي جعفر أن فاطمة كانت تختن ولدها يوم السابع، وكره ذلك الحسن البصري، ومالك بن أنس؛ خلافاً لليهود، وقال الحسن: هو خطر وهو وجه عندنا. قال المهلب: وليس اختتان إبراهيم بعد ثمانين سنة مما يوجب علينا مثل فعله، إذ عامة من يموت من الناس لا يبلغ الثمانين، وإنما اختتن إبراهيم وقت أوحي إليه بذلك وأمر به ففعل.
          والنظر يدل أنه ما كان ينبغي إلا قرب وقت الحاجة لاستعمال ذلك العضو بالجماع، كما اختتن ابن عباس عند مناهزة الاحتلام وقال: كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك؛ لأن الختان تنظيف لما يجتمع من الوضوء تحت الغرلة، ولذلك / والله أعلم أمر بقطعها واختتان الناس في الصغر والله أعلم لتسهيل الألم على الصغير؛ لضعف عضوه؛ وقلة فهمه.
          ومن خفف القدوم أراد الحديدة التي اختتن إبراهيم بها، ومن شدد فهو المكان، وقد يجوز أن يجتمع له الأمران، ذكره أجمع ابن بطال.
          والاستحداد: حلق شعر العانة والأرفاغ بالحديد، وهو استفعال من الحديد، وعن الشعبي: استحد الرجل إذا بور ما تحت إزاره. وهو خلاف المعهود.
          قوله: (وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك) يقال: ختنه، يختنه ويختنه، ذكره القزار، والختان: ما ينتهي إليه القطع من الصبي والجارية. ومعنى: أدرك: بلغ. قال الداودي: والذي هنا في سن ابن عباس صحيح. وقيل: توفي رسول الله وهو ابن عشر سنين. وهو أصح.
          قوله: (وأنا ختين) أي: مختون، كقتيل: بمعنى: مقتول.