مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا}

          ░32▒ باب {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ} [المجادلة:11] الآية
          فيه حديث ابن عمر أيضاً، عن النبي صلعم أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه، الحديث.
          تفسحوا من قولهم: مكان فسيح إذا كان واسعاً، واختلف في المراد بالمجلس المذكور: فقال مجاهد وقتادة: مجلس رسول الله صلعم إذا رأوه مقبلاً ضيقوا مجالسهم فأمرهم الله أن يوسع بعضهم لبعض، وقال الحسن: في الغزو خاصة، وقال يزيد بن أبي حبيب؛ أي: اثبتوا في الحرب، وهذا من مكيدة الحرب، وقيل: هو عام.
          قوله: {يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ} [المجادلة:11] أي: توسعوا يوسع الله عليكم منازلكم في الجنة.
          قوله: (فانشزوا) أي: وإذا قيل: ارتفعوا فارتفعوا، وقوموا إلى قتال عدو، أو صلاة، أو عمل خير، قال الحسن: انهزوا إلى الحرب.
          وقال قتادة ومجاهد: تفرقوا عن رسول الله فقوموا. وقال ابن زيد: انشزوا عنه في بيته؛ فإن له حوائج. وقال صاحب ((الأفعال)): نشز القوم من مجلسهم، قاموا منه.
          واختلف في تأويل نهيه عن أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر. فتأوله قوم على الندب، وقالوا: هو من باب الأدب؛ لأنه قد يجب للعالم أن يليه أهل الفهم والنهى يوسع لهم في الحلقة حتى يجلسوا بين يديه، وتأوله قوم على الوجوب، وقالوا: لا ينبغي لمن سبق إلى مجلس مباح للجلوس أن يقام منه. واحتجوا بحديث معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلعم أنه قال: ((إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به)).
          وقالوا: وقد كان ابن عمر يقوم له الرجل من تلقاء نفسه فما يجلس في مجلسه، قال: وابن عمر راوي الحديث عن رسول الله فهو أعلم بتأويله.