نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: يسلم حين يسلم الإمام

          ░153▒ (بابٌ) بالتنوين (يُسَلِّمُ) المأموم (حِينَ يُسَلِّمُ الإِمَامُ) أشار بهذا إلى أنَّ المستحب أن لا يتأخَّر المأموم في سلامه بعد الإمام متشاغلاً بدعاء ونحوه، دلَّ عليه أثر ابن عمر ☻ المذكور هنا.
          وفي هذا عن أبي حنيفة روايتان: في روايةٍ: يسلِّم مع الإمام كالتكبير. وفي أخرى: يسلِّم بعد سلام إمامه. وقال الشافعيُّ: المصلِّي المقتدي يسلِّم بعد فراغ الإمام من التَّسليمة الأولى فلو سلَّم مقارناً بسلامه _إن قلنا: نيَّة الخروج بالسلام شرط_ لا يجزئه، كما لو كبَّر مع الإمام لا ينعقدُ له صلاة الجماعة، فعلى هذا تبطلُ صلاته، وإن قلنا: إنَّ نيَّة الخروجِ غير واجبةٍ فيُجزئه كما لو ركعَ معه.
          وفي وجوبِ نيَّة الخروجِ عن الصَّلاة بالسَّلام وجهان: أحدُهما: يجبُ، والثاني: لا يجبُ، وكذا في تتمَّتهم.
          وذكر في «المبسوط»: المقتدي يخرج من الصَّلاة بسلام الإمام، وقيل: هو قول محمَّد، أمَّا عندهما يخرج بسلام نفسه.
          وتظهرُ ثمرة الخلاف في انتفاضِ الوضوء بسلام الإمام قبل سلام نفسه بالقهقهة، فعنده لا ينتقض خلافاً لهما.
          وقال الزين ابن المُنيِّر: ترجم بلفظ الحديث، وهو محتملٌ؛ لأن يكون المراد: أنَّه يبتدئ السلام بعد ابتداء الإمام له، فيشرعُ المأموم فيه قبل أن يتمَّه الإمام. ويحتمل أن يكون المراد: أنَّ المأمومَ يبتدئ السَّلام إذا أتمَّه الإمام، قال: فلمَّا كان محتملاً للأمرين، وُكِلَ النَّظر فيه إلى المجتهد. انتهى.
          قال الحافظ العسقلانيُّ: ويحتمل أن يكون أرادَ أنَّ الثاني ليس بشرط؛ لأنَّ اللَّفظ يحتمل الصُّورتين، فأيُّهما فعل المأموم جاز. انتهى.
          (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) بن الخطَّاب ( ☻ يَسْتَحِبُّ إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ) من صلاته (أَنْ يُسَلِّمَ مَنْ) أي: الذي (خَلْفَهُ) من المأمومين، و((إذا)) لمجرد الظرفيَّة على ما هو الأصل فيها، فيحصل التَّطابق بين التَّرجمة والأثر، لا للشَّرط حتَّى يلزم أن يكون سلام المأموم عقيبَ سلام الإمام بناءً على أنَّ المشروط يكون عقيب الشَّرط، فلا يحصل التَّطابق بينهما، فليتأمل.
          وقال الحافظ العسقلانيُّ: / والأثر المذكور لم أقفْ على من وصله، لكن عند ابن أبي شيبة عن عمر ☺ ما يعطي معناه.