-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
باب وجوب صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الفجر في جماعة
-
باب فضل التهجير إلى الظهر
-
باب احتساب الآثار
-
باب فضل صلاة العشاء في الجماعة
-
باب اثنان فما فوقهما جماعة
-
باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد
-
باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح
-
باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
-
باب حد المريض أن يشهد الجماعة
-
باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله
-
بابٌ: هل يصلي الإمام بمن حضر؟
-
باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة
-
باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل
-
باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج
-
باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي
-
باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة
-
باب من قام إلى جنب الإمام لعلة
-
باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول
-
باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم
-
باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم
-
باب إنما جعل الإمام ليؤتم به
-
باب متى يسجد من خلف الإمام
-
باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام
-
باب إمامة العبد والمولى
-
باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه
-
باب إمامة المفتون والمبتدع
-
باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانا اثنين
-
باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه
-
باب: إذا لم ينو الإمام أن يؤم ثم جاء قوم فأمهم
-
باب: إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى
-
باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود
-
باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء
-
باب من شكى إمامه إذا طول
-
باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها
-
باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي
-
باب: إذا صلى ثم أم قومًا
-
باب من أسمع الناس تكبير الإمام
-
باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم
-
باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟
-
باب: إذا بكى الإمام في الصلاة
-
باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها
-
باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف
-
باب الصف الأول
-
باب إقامة الصف من تمام الصلاة
-
باب إثم من لم يتم الصفوف
-
باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف
-
باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه
-
باب المرأة وحدها تكون صفًا
-
باب ميمنة المسجد والإمام
-
باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة
-
باب صلاة الليل
-
باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة
-
باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء
-
باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع
-
باب: إلى أين يرفع يديه؟
-
باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين
-
باب وضع اليمنى على اليسرى
-
باب الخشوع في الصلاة
-
باب ما يقول بعد التكبير
-
باب
-
باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة
-
باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة
-
باب الالتفات في الصلاة
-
باب: هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئًا أو بصاقًا في القبلة
-
باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها
-
باب القراءة في الظهر
-
باب القراءة في العصر
-
باب القراءة في المغرب
-
باب الجهر في المغرب
-
باب الجهر في العشاء
-
باب القراءة في العشاء بالسجدة
-
باب القراءة في العشاء
-
باب يطول في الأوليين ويحذف في الأخريين
-
باب القراءة في الفجر
-
باب الجهر بقراءة صلاة الفجر
-
باب الجمع بين السورتين في الركعة
-
باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب
-
باب من خافت القراءة في الظهر والعصر
-
باب: إذا أسمع الإمام الآية
-
باب يطول في الركعة الأولى
-
باب جهر الإمام بالتأمين
-
باب فضل التأمين
-
باب جهر المأموم بالتأمين
-
باب: إذا ركع دون الصف
-
باب إتمام التكبير في الركوع
-
باب إتمام التكبير في السجود
-
باب التكبير إذا قام من السجود
-
باب وضع الأكف على الركب في الركوع
-
باب إذا لم يتم الركوع
-
باب استواء الظهر في الركوع
-
باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه
-
باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة
-
باب الدعاء في الركوع
-
باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع
-
باب فضل اللهم ربنا لك الحمد
-
باب
-
باب الاطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع
-
باب: يهوي بالتكبير حين يسجد
-
باب فضل السجود
-
باب: يبدى ضبعيه ويجافى في السجود
-
باب يستقبل بأطراف رجليه القبلة
-
باب إذا لم يتم السجود.
-
باب السجود على سبعة أعظم
-
باب السجود على الأنف
-
باب السجود على الأنف والسجود على الطين
-
باب عقد الثياب وشدها
-
باب: لا يكف شعرًا
-
باب لا يكف ثوبه في الصلاة
-
باب التسبيح والدعاء في السجود
-
باب المكث بين السجدتين
-
باب: لا يفترش ذراعيه في السجود
-
باب: من استوى قاعدًا في وتر من صلاته ثم نهض
-
باب: كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة
-
باب: يكبر وهو ينهض من السجدتين
-
باب سنة الجلوس في التشهد
-
باب من لم ير التشهد الأول واجبًا لأن النبي قام من الركعتين
-
باب التشهد في الأولى
-
باب التشهد في الآخرة
-
باب الدعاء قبل السلام
-
باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب
-
باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى
-
باب التسليم
-
باب: يسلم حين يسلم الإمام
-
باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة
-
باب الذكر بعد الصلاة
-
باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم
-
باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام
-
باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم
-
باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال
-
باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث
-
باب وضوء الصبيان
-
باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس
-
باب انتظار الناس قيام الإمام العالم
-
باب صلاة النساء خلف الرجال
-
باب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد
-
باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد
-
باب وجوب صلاة الجماعة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░54▒ (بابُ) حكم (إِمَامَةِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى) أي: المولى الأسفل، وهو العتيق، ويروى: <والموالي> بالجمع.
قال الزَّين ابن المُنيِّر: لم يفصح بالجواز، لكن لوَّح به لإيراده أدلَّته.
(وَكَانَتْ عَائِشَةُ) ♦ (يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ) بفتح المعجمة وسكون الكاف، أبو عمرو عَبْدُ عائشةَ وخادمها، وقد دبَّرته، مات في أيَّام الحرَّة، أو قتل بها (فِي الْمُصْحَفِ)، وقد وصل هذا الأثرَ ابن أبي شيبة عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبي بكر بن أبي مُلَيكة، عن عائشة ♦: أنَّها أعتقت غلاماً لها عن دُبُرٍ، فكان يؤمُّها في رمضان في المصحف.
وروي أيضاً عن ابن عُلَيَّة عن أيُّوب: سمعتُ القاسم يقول: يؤمُّ عائشة عبد يقرأ في المصحف. ووصله الشَّافعي وعبد الرَّزَّاق من طريق أخرى عن ابن أبي مُليكة: أنَّه كان يأتي عائشة بأعلى الوادي هو وأبوه، / وعُبَيد بن عُمَير، والمسور بن مخرمة، وناس كثير، فيؤمُّهم أبو عمرو مولى عائشة ♦، وهو يومئذٍ غلامٌ لم يُعتق، وأبو عَمرو هذا هو ذكوان المذكور، والغلام هو الذي لم يحتلمْ، ولكن الظَّاهر أنَّ المراد هو المراهق، وهو كالبالغ.
ووصله أيضاً ابن أبي داود في كتاب «المصاحف» من طريق أيُّوب عن ابن أبي مُليكة: أنَّ عائشة ♦ كان يؤمُّها غلامها ذكوان في المصحف.
ففي هذا الأثر جواز القراءة في المصحف في الصَّلاة، وبه قال الشَّافعي وأحمد في رواية وأبو يوسف ومحمَّد، قالوا: لأنَّ النظر في المصحف عبادة، ولكن يكره؛ لما فيه من التشبُّه بأهل الكتاب في هذه الحالة.
وعن الحسن قال: هكذا يفعل النَّصارى، وهو قول النَّخعي وسعيد بن المسيَّب والشَّعبي في رواية عنهما، وسليمان بن حنظلة ومجاهد بن جبر وحماد وقتادة والحسن في رواية عنه. وأجازه مالك وأحمد في روايةٍ في النفل فقط، وعن مالك: أنَّه أجازه في قيام رمضان.
وأمَّا مذهب أبي حنيفة ☼ : أنَّ القراءة في المصحف في الصَّلاة فرضاً أو نفلاً مفسدةٌ؛ لأنَّه عمل كثير من حيث أنَّه فيه حمل المصحف والنَّظر فيه، وتقليب الأوراق، ولأنَّه تلقُّن من المصحف، فصار كما إذا تلقَّن من غيره. وبه قال ابن المسيَّب والشَّعبي والحسن في رواية عنهم، وأبو عبد الرحمن السُّلمي.
وأمَّا إمامة العبد فقد قال أصحابنا: يُكره إمامة العبد؛ لاشتغاله بخدمة مولاه. وأجازها أبو ذرٍّ، وحذيفة، وابن مسعود ♥ ، ذكره ابن أبي شيبة بإسناد صحيحٍ، وصلَّى سالم خلف زياد مولى أمِّ الحسن، وهو عبدٌ، وأجازها أيضاً من التَّابعين ابن سيرين والحسن وشريح والنَّخعي والشَّعبي والحكم.
وقال النَّخعي: ربَّ عبدٍ خير من مولاه، ومن الفقهاء الثَّوري وأبو حنيفة وأحمد والشَّافعي وإسحاق. وقال مالك: تصحُّ إمامته في غير الجمعة؛ لأنَّها لا تجب عليه، وفي رواية عنه: لا يؤمُّ إلا إذا كان قارئاً، ومن خلفه من الأحرار لا يقرؤون، ولا يؤمُّ في يوم جمعة ولا عيد.
وعن الأوزاعي: لا يؤمُّ إلَّا أهله. وممَّن كره الصَّلاة خلفه أبو مجلزٍ فيما ذكره ابن أبي شيبة، والضَّحاك، ولا شكَّ أنَّ الحرَّ أولى منه؛ لأنه مَنْصِبٌ، فالحرُّ أليق.
(وَوَلَدِ الْبَغِيِّ) عطف على قوله: «والمولى»، فصلَه عنه بأثر عائشة ♦، وغفل القرطبي في «مختصر البخاري» فجعله من بقيَّة الأثر المذكور. ثمَّ البَغِّي _بفتح الموحدة وكسر الغين المعجمة وتشديدها_ بمعنى الزَّانية. ونقل ابن التِّين: أنَّه رواه بفتح فسكون من غير تشديد.
ثمَّ إمامة ولد الزِّنا جائزة عند الجمهور، وبه قال النَّخعي والشَّعبي وعطاء والحسن. / وقالت عائشة ♦: ليس عليه من وزر أبويه شيء. ذكره ابن أبي شيبة، وإليه ذهب أيضاً الثَّوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق ومحمَّد بن عبد الحكم، وكرهها عمر بن عبد العزيز ومجاهد ومالك إذا كان راتباً، وعلَّته عند مالك أنَّه يصير معرَّضاً لكلام النَّاس فيأثمون بسببه. وقيل: لأنَّه ليس له في الغالب من يثقِّفه ويعلِّمه، فيغلب عليه الجهل.
وقال أصحابنا الحنفيَّة: يكره إمامة ولد الزِّنا؛ لأنه يُستَخفُّ به، فإن تقدَّم جازت الصَّلاة. وقال الشَّافعي: وأكره أن يُنَصَّبَ من لا يُعْرَف أبوه إماماً. وقال ابنُ حزم: الأعمى والخصي والعبد وولد الزنا، وأضدادهم، والقرشيُّ سواء لا تفاضل بينهم إلَّا بالقراءة.
(وَالأَعْرَابِيِّ) بالجر عطف على ((ولد البغي))، وهو _بفتح الهمزة_ وقد نسب إلى الجمع؛ لأنَّه صار علماً لسكَّان البادية، وهو في حكم المفرد، وليس جمعاً للعرب كما توهَّم النضر وغيره، وإنَّما سمُّوا أعراباً؛ لأنَّهم عرب تجمَّعت من هاهنا وهاهنا. وإلى صحَّة إمامته ذهب الجمهور.
وأجاز أبو حنيفة ☼ إمامته مع الكراهة؛ لغلبة الجهل عليه، وبه قال الثَّوري والشَّافعي وإسحاق. وصلَّى ابن مسعود ☺ خلف أعرابي. ولم يَرَ بها بأساً إبراهيمُ والحسن وسالم، وخالف الجمهور مالك، وعلَّته عنده غلبة الجهل على سكَّان البوادي، وقيل: لأنَّهم يديمون نقص السُّنن، وترك حضور الجماعة غالباً.
(وَالْغُلاَمِ) المميز (الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ) بالجر عطفاً على سابقه، الظَّاهر أنَّه أراد: المراهق، ويحتمل الأعم، لكن يخرج منه مَنْ دون سنِّ التَّمييز بدليلٍ آخر.
ولعل المؤلِّف ☼ راعى اللَّفظ الوارد في النَّهي عن ذلك، وهو ما رواه عبد الرَّزَّاق من حديث ابن عبَّاس ☻ مرفوعاً: ((لا يؤم الغلام حتَّى يحتلم))، وإسناده ضعيفٌ.
وقد أخرج المؤلِّف في ((غزوة الفتح)) حديث عَمرو بن سلِمة _بكسر اللام_ أنَّه كان يؤمُّ قومه، وهو ابن سبع سنين [خ¦4302]. وقيل: إنَّما لم يستدلَّ به هنا؛ لأنَّ أحمد بن حنبل توقَّف فيه، فقيل: إنَّه ليس فيه اطِّلاع النَّبي صلعم على ذلك. وقيل: لاحتمال أن يكون أراد أنَّه كان يؤمُّهم في النَّافلة دون الفريضة.
وأجيب عن الأوَّل: بأنَّ زمان نزول الوحي لا يقع فيه لأحد من الصَّحابة التَّقرير على ما لا يجوز فعله، ولهذا استدلَّ أبو سعيد وجابر ☻ على جواز العزل بأنَّهم كانوا يعزلون، والقرآن ينزل كما سيأتي في موضعه [خ¦5207] [خ¦5210]. وأيضاً فالوفد الذين قدَّموا / عمرو بن سلِمة كانوا جماعة من الصَّحابة ♥ .
وعن الثَّاني: بأنَّ سياق رواية المؤلِّف يدلُّ على أنَّه كان يؤمُّهم في الفرائض؛ لقوله فيه: ((صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصَّلاة)) الحديث. وفي رواية لأبي داود قال عمرو: فما شهدت مشهداً في جَرْمٍ إلَّا كنت إمامهم، وهذا يعمُّ الفرائض والنَّوافل.
واحتجَّ ابن حزم على عدم الصحَّة: بأنَّه صلعم أمر أن يؤمَّهم أقرأهم. قال: فعلى هذا إنَّما يؤمُّ من يتوجَّه إليه الأمر، والصَّبي ليس بمأمور؛ لأنَّ القلم مرفوع عنه فلا يؤمهم، ولقائل أن يقول: المأمور من يتوجَّه إليه الأمر من البالغين، فإنَّهم يقدِّمون من اتَّصف بكونه أكثر قرآناً، فافهم.
ثمَّ إنَّه يفهم من سياق البخاري أنَّه يجوِّز إمامة الصَّبي الذي يعقل، وهو مذهب الشَّافعي، وإليه ذهب الحسن البصري، ومذهب أبي حنيفة ☼ : أنَّ المكتوبة لا تصحُّ خلفه، وبه قال أحمد وإسحاق. وفي النفل روايتان عن أبي حنيفة، والمختار: أنَّه لا يجوز في الصَّلوات كلها؛ لأنَّ نفل الصَّبي دون نفل البالغ حيث لا يلزمه القضاء بالإفساد بالإجماع، ولا يبني القويُّ على الضَّعيف، بخلاف اقتداء الصَّبي بالصَّبي؛ لأنَّ الصَّلاة متَّحدة، كذا في «الهداية». وبالجواز في النَّفل قال أحمد. وقال داود: لا تصحُّ فيهما، وحكاه ابن أبي شيبة عن الشَّعبي ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وعطاء. وكرهها مالك والثَّوري.
وأمَّا ما نقله ابن المنذر عن أبي حنيفة وصاحبيه: أنَّها مكروهة؛ فقد قال محمود العيني: لا يصحُّ هذا النَّقل، والله أعلم.
(لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ) أي: فكلُّ من اتَّصف بذلك جازت إمامته من: العبد، وولد البغي، والأعرابي، والصَّبي؛ أي: الحديث لم يفرِّق بين المذكورين وغيرهم، ولكن الَّذي يظهر من هذا أنَّ إمامة أحدٍ من هؤلاء إنَّما تجوز إذا كان أقرأ القوم.
ألا ترى أنَّ الأشعث بن قيس قدَّم غلاماً، فعابوا ذلك عليه فقال: ما قدَّمته، ولكن قدَّمت القرآن العظيم. ثمَّ هذا القولَ تعليقٌ وهو طرف من حديث أبي مسعود، وقد ذُكر في باب «أهل العلم أحق بالإمامة»، وقد أخرجه مسلم، وأصحاب السُّنن بلفظ: ((يؤمُّ القوم أقرأهم لكتاب الله)) الحديث.
وفي حديث عَمرو بن سِلمة المذكور عن أبيه عن النَّبي صلعم قال: ((وليؤمُّكم أكثركم قرآناً)). وفي حديث أبي سعيد ☺ عند مسلم: ((إذا كانوا ثلاثة فليؤمُّهم أحدهم، وأحقُّهم بالإمامة أقرأهم)). ولأبي داود من حديث ابن عبَّاس ☻ : ((وليؤمكم أقرؤكم)). واستدلَّ بقوله: ((أقرؤهم)) على أنَّ إمامة الكافر لا تصح؛ لأنَّه لا قراءة له، فتأمَّل.
(وَلَا يُمنَعُ العَبدُ مِنَ الجَمَاعةِ) أي: من حضورها، ويروى: <عن الجماعة> (بِغَيْر) ويروى: <لغير> (عِلَّة) أي: ضرورة، ولا حاجة إلى تقييدها بكونها لسيِّده؛ لأنَّ عند الضرورة ليس عليه الحضور مطلقاً كما في حقِّ الحرِّ، / وهذه الجملة معطوفة على التَّرجمة، وليست من الحديث المعلَّق.
وإنَّما لا يمنع العبد من حضور الجماعة؛ لأنَّ حقَّ الله مقدَّم على حقِّ المولى في باب العبادة، وقد ورد وعيد شديد في ترك حضور الجماعة بغير ضرورة.