نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: إذا لم ينو الإمام أن يؤم ثم جاء قوم فأمهم

          ░59▒ (بابٌ) بالتنوين (إِذَا لَمْ يَنْوِ الإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ) أي: الإمامة، وسقط في رواية لفظ: ((أن يؤمَّ)) (ثُمَّ جَاءَ) وفي رواية: <فجاء> (قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ) ولم يذكر جواب ((إذا))؛ لأنَّ في هذه المسألة / اختلافاً في أنَّه هل يشترط للإمام أن ينوي الإمامة أو لا؟
          وحديث الباب لا يدلُّ على النَّفي، ولا على الإثبات، ولا على أنَّه نوى في ابتداء صلاته، ولا بعد أن قام ابن عبَّاس ☻ فصلَّى معه، ولكن في إيقاف النَّبيِّ صلعم ابنَ عبَّاسٍ ☻ موقفَ المأموم ما يُشعِر بالثَّاني، وأمَّا الأوَّل فالأصل عدمه.
          والمذهب عندنا في هذه المسألة: أنَّ نيَّة الإمام الإمامة في حقِّ الرِّجال ليست بشرط؛ لأنَّه لا يلزمه باقتداء المأموم حكمٌ، وأمَّا في النِّساء فشرط عندنا؛ لاحتمال فساد صلاته بمحاذاتهنَّ إيَّاه.
          وقال زفر والشَّافعي ومالك: ليست بشرط كما في الرِّجال. وقال السَّفاقسي: وقال الثَّوري وأحمد _في رواية_ وإسحاق: على المأموم الإعادةُ إذا لم ينوِ الإمام. وعن ابن القاسم مثل مذهب أبي حنيفة. وعن أحمد: أنَّه شرط أن ينوي في الفريضة دون النَّافلة.
          ونظر فيه الحافظ العسقلانيُّ: بأنَّ في حديث أبي سعيد ☺: أنَّ النَّبي صلعم رأى رجلاً يصلِّي وحده فقال: ((ألا رجل يتصدَّق على هذا فيصلِّي معه)) أخرجه أبو داود، وحسَّنه التِّرمذي، وصحَّحه ابن خزيمة وابن حبَّان والحاكم، فليتأمَّل.