نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل

          ░43▒ (بابٌ) بالتنوين (إِذَا دُعِي) على البناء للمفعول (الإِمَامُ إِلَى الصَّلاَةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ) أي: الذي يأكله أو بيده الأكل؛ أي: المأكول، وإنَّما ذكر هذا الباب عقب الباب السَّابق تنبيهاً على أنَّ الأمر فيه للندب لا للوجوب إذ لو كان تقديم العَشاء على الصَّلاة التي أقيمت واجباً لكان النَّبيُّ صلعم كمَّل أكله ولم يكن ألقى السِّكين كما في حديث الباب، ولا قام إلى الصَّلاة.
          فإن قيل: العلَّة في تقديم العَشاء على / الصَّلاة إخلاءُ القلب عن الشَّواغل التي أكبرها ميل النَّفس إلى الطَّعام الذي حضر، والنَّبي صلعم كان قويًّا على مدافعة قوَّة الشَّهوة، «وأيُّكم يملك إربه»، فلا يدلُّ الحديث على النَّدب في حقِّنا.
          فالجواب: أنَّ الظَّاهر أنَّه صلعم أخذ في خاصَّة نفسه بالعزيمة فقدَّم الصَّلاة على الطَّعام وأمر غيره بالرُّخصة، نعم يعكِّر على من استدلَّ به على النَّدب احتمالُ أن يكون اتَّفق في تلك الحالة أنَّه قضى حاجته من الأكل فلا تتم الدَّلالة، فافهم.
          وقد تقدَّم قول من فصَّل بين ما إذا أقيمت الصَّلاة قبل الشُّروع في الأكل وبين ما بعده [خ¦673]، فيحتمل أنَّ المؤلِّف كان يرى التَّفصيل، ثمَّ إنَّ تقييد التَّرجمة بالإمام يحتمل أنَّه كان يرى تخصيص ذلك به، وأمَّا غيره من المأمومين فالأمر متوجِّه إليهم مطلقاً، ويؤيِّده قوله في الباب السَّابق: ((إذا وضع عشاء أحدكم)) [خ¦673].