نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إتمام التكبير في الركوع

          ░115▒ (بابُ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ) أي: يمدُّ التَّكبير الذي هو للانتقال من القيام إلى الرُّكوع بحيث يتمُّه في الرُّكوع بأن يقعَ راء ((الله أكبر)) فيه، أو المراد: إتمام الصَّلاة بالتَّكبير في الرُّكوع، أو إتمام عدد تكبيرات الصَّلاة بالتَّكبير في الرُّكوع، وإلَّا فالتَّرجمة تامَّةٌ بدون لفظ الإتمام بأن يقول: ((باب التكبير في الركوع)) فلا فائدة فيه بل هو مخل؛ لأنَّ حقيقة التَّكبير لا تزيد ولا تنقص، قاله الكرمانيُّ.
          وقال العينيُّ: يجوز أن يكون المراد من إتمام التَّكبير في الرُّكوع هو تبيين حروفه من غير هذٍّ فيه، والإتمامُ يرجع إلى صفته لا إلى حقيقته.
          فإن قيل: هذا لا بدَّ منه في سائر التَّكبيرات أيضاً فما وجه تخصيصه بالرُّكوع هنا ثمَّ بالسُّجود في الباب الآتي.
          فالجواب: نعم لكنَّ الرُّكوع والسُّجود لمَّا كانا من أعظم أركان الصَّلاة خصَّهما، وإن كان الحكم في تكبيرات غيرهما أيضاً كذلك.
          وقال الحافظ العسقلانيُّ: ولعلَّه أراد بلفظ الإتمام الإشارة إلى تضعيفِ ما رواه أبو داود من حديث عبد الرَّحمن بن أبزى / قال: ((صلَّيت خلفَ النبيِّ صلعم فلم يتمَّ التَّكبير)).
          وقد نقل البخاريُّ في «التاريخ» عن أبي داود الطَّيالسيِّ أنَّه قال: هذا عندنا باطلٌ، وقال الطبريُّ والبزَّار تفرَّد به الحسن بن عمران وهو مجهولٌ.
          وأُجيب على تقدير صحَّته بأنَّه فعل ذلك لبيان الجواز، أو المراد لم يتمَّ الجهر به أو لم يمدَّه، والله أعلم.
          (قَالَ) أي: قال بإتمام التَّكبير في الرُّكوع، وفي رواية: <وقال> بالواو، وفي أخرى: <قاله> بالضَّمير العائد إلى إتمام التَّكبير في الركوع.
          (ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) وأشار به إلى ابن عبَّاس ☻ قال ذلك بالمعنى فإنَّه أشار بذلك إلى حديثه الموصول في آخر الباب الذي بعده وهو قوله: حدَّثنا عمرو بن عون قال: حدثنا هُشَيم عن أبي بشر عن عكرمة قال: رأيت رجلاً عند المقام يكبِّر في كلِّ خفضٍ ورفع. الحديث [خ¦787]. وإلى الحديث الذي في الباب الذي يليه، وهو قوله: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا هَمَّام عن قتادة عن عكرمة قال: صلَّيت خلف شيخٍ بمكَّة فكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرة. الحديث [خ¦788]. وفيه قول ابن عبَّاس ☻ لعكرمة: إنَّها صلاة النبيِّ صلعم . فيستلزم ذلك أنَّه نقل عن النبيِّ صلعم إتمام التَّكبير؛ لأنَّ الرُّباعيَّة لا يقع فيها لذاتها أكثر من ذلك، ومن لازم ذلك التَّكبير في الرُّكوع، وهذا يبعد الاحتمال الأوَّل من التَّرجمة، كما لا يخفى.
          (فِيهِ) أي: في هذا الباب (مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ) أي: حديثه، وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب ((المكث بين السَّجدتين)) وفيه: ((فقام ثمَّ ركع فكبَّر)) [خ¦818].