مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول النبي: الماهر بالقرآن مع الكرام البررة

          ░52▒ (بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ)
          هو ما روته عائشة قالت: قال رسول الله صلعم : «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة».
          و(الْمَاهِرُ) الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقَّف في القراءة ولا يشقُّ عليه لجودة حفظه وإتقانه، و(السفرة) جمع (سافر) ككاتب وكتبة، وهم الرسل؛ لأنَّهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل: هم الكتبة والبررة المطيعون مِنَ (البرِّ) وهو الطاعة، ومضى باقي معناه في (سورة عبس) مِن (كتاب التفسير).
          قوله: (وَزَيِّنُوا) هو ما رواه البراء بن عازب في السنن أنَّه ╕ قال: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم»، قيل: إنَّه مِنَ المقلوب(1)، ويدلُّ عليه أنَّه روي أيضًا عن البراء عكس ذلك، ونظيره في كلام العرب قولهم: عرضت الناقة على الحوض، والمعروض هو الحوض على الناقة، ويجوز أن يجري على ظاهره فيقال: المراد تزيينه بالترتيل والجهر به وتحسين الصوت، فإنَّه إذا سُمِع مِن صيِّتٍ حسن الصوت يقرأ بصوتٍ طيِّبٍ ولحنٍ حزينٍ يكون أوقع في القلب وأشدُّ تأثيرًا وأرقُّ لسامعيه، وسمَّاه تزيينًا؛ لأنَّه تزيين اللَّفظ والمعنى، قال التوربشتيُّ: وهذا إذا لم يخرجه التغنِّي عن التجويد ولم يصرفه عن مراعاة النظم في الكلمات والحروف، فإن انتهى إلى(2) ذلك عاد الاستحباب فيه كراهةً، وأمَّا الذي أحدثه المتكلِّفون بمعرفة الأوزان والموسيقى فيأخذون في كلام الله مأخذهم في النشيد(3) والغزل؛ فإنَّه أشرُّ البدع وأسوأ الأحداث فتوجَّب على السامع النكير وعلى التالي التعزير.
          وفي الباب حديث أبي هريرة، ومضى بيانه في (باب: مَن لم يتغنَّ بالقرآن) مِن كتاب فضائله.
          وفي الباب بعض (حديث الإفك) ومضى بيانه في (باب: غزوة أنمار) مِن (كتاب المغازي).


[1] في (أ): (المنلوب).
[2] (إلى): ليس في (غ).
[3] في (غ): (التشديد).