مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادًا}

          ░40▒ (بَاب قَوْلُ الله تَعَالَى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً} [البقرة:22])
          مضى تفسيره في بابه مِن (سورة البقرة) مِن (كتاب التفسير).
          قوله تعالى: ({وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا(1) } [فصلت:9]) / أوَّله: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت:9]؛ أي: قل يا(2) محمَّد لهؤلاء المشركين أئنَّكم لتكفرون؟ استفهام توبيخٍ وتعجيبٍ؛ أي: أتعجَّب مِن كفركم بالذي قدَّرته أنَّه خلق الأرض في يومين مِن أيَّام الدنيا؛ وهما يوم الأحد ويوم(3) الاثنين.
          {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا} [فصلت:9]؛ أي: أمثالًا ونظراء يشركونها به في العبادة؛ أي: عجبًا لكم في إشراككم في العبادة مَن لا يخلق بمَن هو خالق كلِّ مخلوقٍ، ({ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت:9])؛ أي: الذي خلق الأرض في يومين، هو مالك المحدثات.
          قوله تعالى: ({وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ} [الفرقان:68]) سبق تفسيره في بابه مِن (سورة الفرقان) مِن (كتاب التفسير).
          قوله تعالى: ({وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزمر:65])؛ أي: وقد أوحي إليك يا محمَّد وأوحي إلى الأنبياء قبلك، وقيل: إلى كلِّ واحدٍ مِنَ الذين قبلك، ({لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:65])؛ أي: ليبطلنَّ وتهلكنَّ، والمراد: إنِّي عرَّفتك وعرَّفت الأنبياء قبلك بألسنة ملائكتي أنِّي لا أجوِّز الشرك لأحدٍ مِن عبادي، ومَن أشرك(4) فيَّ(5) غيري حبطت أعماله الصالحة التي عملها قبل الشرك.
          وقوله: ({وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65]) بيانٌ لقوله: {لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}؛ لأنَّ مَن حبط عمله؛ ذهب تعبه وعناؤه هدرًا وكان خاسرًا خائبًا.
          ({بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ} [الزمر:66])؛ أي: بل اعبد الله وحده ولا تشرك به غيره.
          ({وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ} [الزمر:66]) لنعمه.
          قوله تعالى: ({وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ(6) } [يوسف:106])؛ أي: إنَّ أكثرهم مع إقرارهم بالله وإظهارهم الإيمان بألسنتهم مشركون بعبادة الأوثان، وقيل: نزلت في المنافقين أظهروا الإيمان وأسرُّوا الكفر.
          قوله تعالى: ({وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الفرقان:2])؛ أي: وخلق كلَّ شيءٍ يصحُّ أن يكون مخلوقًا؛ كأفعال العباد واكتسابهم وقدرتهم، فإنَّ ذلك جميعًا بخلق الله وقدرته.
          وقوله: ({فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان:2])؛ أي: هيَّأه على ما ينبغي أن يكون عليه، وقيل: بيَّن مدَّة بقائه.
          قوله تعالى: ({مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ} [الحجر:8])؛ أي: ما ننزِّل الملائكة إلَّا بالرسالة والقرآن، فلا ينزلون إلَّا على النبيِّ صلعم، وهم ليسوا بأنبياء فتُنزَّل عليهم، وقيل: أي: ما ننزِّل إلَّا بالعذاب أو بالموت، فنزولهم بحيث يراهم هؤلاء لا يكون إلَّا في حالتي العذاب أو الموت، وإذا رأوهم يموتون في الحال، {وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ(7) } [الحجر:8]؛ أي: ممهلين ومؤخَّرين، يقال: أنظرته إذا أخَّرته وأمهلته.
          {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر:9]؛ أي: القرآن(8).
          ({وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9])؛ أي: للقرآن مِن أن يُزَاد(9) فيه وينقص منه، وقيل: يحفظه لِمن وعاه(10) حتَّى يجزى به(11) يوم القيامة.
          قوله تعالى: ({لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ} [الأحزاب:8])؛ أي: أخذنا ميثاقهم ليسأل الله الأنبياء عن صدقهم في تبليغ الرسالة؛ أي: يسألهم هل بلَّغوا الرسالة؟ والله يعلم أنَّهم صادقون في التبليغ، لكن توبيخًا للذين كفروا بهم.
          قوله تعالى: ({وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ} [الزمر:33])، قيل: هو جبرئيل جاء بالوحي مِنَ الله، وقيل: هو محمَّد صلعم جاء بالقرآن والإسلام، وقيل: هو المؤمن يجيء يوم القيامة بكلمة لا إله إلَّا الله.
          وقوله: ({وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر:33])، قيل: هو محمَّد صلعم صدَّق بما جاءه مِنَ الوحي الكريم والقرآن العظيم وحقَّقه(12) بعلمه(13)، وقيل: هو المؤمن العامل مِن هذه الأمَّة، وقيل: الذي جاء بالصدق وصدَّق به عامٌّ في جميع المؤمنين، يدلُّ عليه قراءة ابن مسعودٍ: ▬وَالَّذِينَ جَاؤوا بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَوا بِهِ↨.
          وقوله: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر:33]؛ أي: هؤلاء الذين هذه صفتهم هم الذين اتَّقوا الله بتوحيده والبراءة مِنَ الأصنام وبأداء فرائضه واجتناب معاصيه، وقيل: هم الذين / فازوا بحقيقة التقوى، والغرض مِن تعداد هذه الآيات في هذا الباب الردُّ على الذين جعلوا لله أندادًا، سبحانه وتعالى عمَّا يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
          وفي الباب حديث ابن مسعودٍ، ومضى بيانه في (باب: إثم الزناة(14)) مِن (كتاب المحاربين).


[1] في (غ): (ولا تجعلوا لله أندادا).
[2] (يا): مثبت من (غ).
[3] (يوم): ليس في (غ).
[4] في (أ): (الشرك).
[5] في (غ): (بي).
[6] زيد في (غ): {بِاللّهِ}.
[7] في (أ): (ما كانوا ينتظرون)، وفي (غ): (ينظرون).
[8] (أي القرآن): ليس في (غ).
[9] في (غ): (يزداد).
[10] في (غ): (دعاه).
[11] (به): ليس في (غ).
[12] في (غ): (من الوحي والقرآن وحققه).
[13] في (أ): (بعمله).
[14] في (غ): (الزيادة).