مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب خلق آدم وذريته

          ░░60▒▒ (بَابُ خَلْقِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ)
          قوله: ({صَلْصَالٍ}) هو مِن قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن:14]؛ أي: خلق آدم، وهو الإنسان، {مِن صَلْصَالٍ}؛ أي: مِن طينٍ مختلطٍ برملٍ، وهذا عنِ ابن عبَّاسٍ، وقِيل: مِن طينٍ رطبٍ إذا عصرته بيدك خرج البعض مِن بين أصابعك، وهذا عن عكرمة، وقِيل: مِن طينٍ يابسٍ أجوف، إذا ضُرِب بشيءٍ صلَّ؛ أي: سُمِع له صليلٌ(1) ؛ أي: صوتٌ، {كَالفَخَّارِ} وهو الطين الذي طُبِخ في النار، وقِيل: مِن طينٍ منتنٍ، مِن قولهم: صلَّ اللحم، إذا نتن، قال عبد الله بن سلَّام: خلق الله آدم، {مِّن طِينٍ لَّازِبٍ} [الصافات:11] فتركه كذلك أربعين سنةً، ثمَّ صلصلة كالفخَّار أربعين سنةً، ثمَّ صوَّره فتركه جسدًا لا روح فيه أربعين سنةً، فذلك عشرون ومئة سنةٍ، كلُّ ذلك تمرُّ(2) الملائكة فتقول: سبحان الذي خلقك، لأمرٍ ما خلقك.
          قوله: ({فَمَرَّتْ بِهِ}) هو مِن قوله تعالى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف:189]؛ أي: فلمَّا علاها آدم لقضاء حاجته مِنها، و(الغشيان) الجِماع، {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} وهو النطفة؛ لأنَّها لا يثقل حملها على المرأة ما دامت نطفةً، {فَمَرَّتْ بِهِ}؛ أي: استمرَّت بالحمل وقامت وقعدت ولم يثقلها، وقِيل: هو مِنَ المقلوب؛ أي: استمرَّت بها الحمل.
          قوله: ({أَلَّا تَسْجُدَ}) هو مِن قوله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:12]؛ أي: قال الله لإبليس: ما منعك عنِ السجود لآدم حين أمرتك به(3) ؟ و(لا) زائدةٌ، والتقدير: ما منعك أن تسجد؟ وهذا سؤال توبيخٍ لإبليس في ترك الأمر، وقِيل: قوله: ({أَلَّا تَسْجُدَ}) كلامٌ محمولٌ على المعنى، والتقدير: أيُّ شيءٍ اضطرَّك إلى ألَّا تسجد.


[1] في (ف): (مليل).
[2] زيد في (ب) و(ف): (به).
[3] (به): ليس في (ف).