مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

كتاب ترك الحيل

           (♫)
          ░░90▒▒ (كِتَابُ تَرْكِ الْحِيَلِ)
          قال أبو العبَّاس بن تيمية: الحِيَل ثلاثة أنواعٍ: نوعٌ هو قربةٌ وطاعةٌ؛ وهو من أفضل الأعمال، ونوعٌ هو جائزٌ مُباحٌ(1) لا حرج على فاعله ولا على تاركه، ويُرجَّح فعله على تركه أو عكس ذلك تابعٌ لمصلحته، ونوعٌ هو محرَّمٌ ومخادعةٌ لله تعالى ورسوله صلعم متضمِّنٌ لإسقاط ما أوجبه وإبطال ما شرَّعه وتحليل ما حرَّمه، وإنكار السَّلف والأئمَّة وأهل الحديث إنَّما هو لهذا النَّوع.
          و(الحِيْلَةُ) (فِعْلَةٌ) من (الحول) وهو التَّحوُّل من حالٍ إلى حالٍ، فكلُّ مَن(2) حاول أمرًا يريد فعله أو الخلاص منه فما يحاوله به حيلةً يتوصَّل بها إليه، فالحيلة معتبرةٌ بالأمر المحتال بها عليه؛ إطلاقًا ومنعًا ومصلحةً ومفسدةً وطاعةً ومعصيةً، فإن كان المقصود أمرًا حسنًا؛ كانت الحيلة حسنةً، وإن كان قبيحًا؛ كانت الحيلة قبيحةً، وإن كان(3) طاعةً وقُربةً(4) ؛ كانت الحيلة عليه كذلك، وإن كان معصيةً وفسوقًا؛ كانت الحيلة كذلك، وقد أخبر الله تعالى عن أهل الجنَّة الَّذين بلَّاهم بما بلاهم به في (سورة ن)، والله عاقبهم بأن أرسل على جنَّتهم طائفًا، {وَهُمْ نَائِمُونَ. فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم:19-20] وذلك لمَّا تحيَّلوا على إسقاط نصيب المساكين بأن يصرموها، {مُصْبِحِينَ} [القلم:21] قبل مجيء المساكين، فكان في ذلك عبرةً لكلِّ محتالٍ على إسقاط حقٍّ من حقوق الله تعالى أو حقوق عباده.


[1] في (غ): (مبايح).
[2] في (غ): (ما).
[3] في (غ): (كانت)، وكذا في الموضع اللاحق.
[4] في (غ): (قربة وطاعة).