مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق}

          ░8▒ (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام:73])
          أي: بالحكمة، وقيل: أي: محقًّا لا عابثًا؛ يعني: لم يخلقهما(1) عبثًا وسفهًا، بل خلقهما لمصالح خلقه ومنافعهم؛ ليستدلُّوا بما ظهر فيهما مِن آياته على كمال قدرته، وليعرفوا(2) عظيم نعمه التي أنعم بها عليهم، ويشكروه(3) عليها.
          وفي الباب حديث ابن عبَّاسٍ، ومضى بيانه في (باب: التهجُّد بالليل) مِن (أبواب النوافل).
          و(الحقُّ) هو الثابت، وبإزائه (الباطل) الذي هو المعدوم، والثابت المطلق هو الله سبحانه، وسائر الموجودات مِن حيث إنَّها(4) ممكنة لا وجود لها في حدِّ ذاتها، ولا ثبوت لها مِن قِبَل أنفسها، وإيَّاه عنى الشاعر بقوله:
ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطل                     ...............
          قوله(5) : ({وَهُوَ}) بهذا المعنى مِن صفات الذات، وقيل معناه: المُحِقُّ؛ أي: المظهر للحقِّ، أو الموجد للشيء حسب ما تقتضيه الحكمة، فيكون مِن صفات الأفعال، وحظُّ العبد مِنه أن يرى الله تعالى حقًّا، وما سواه باطلًا في ذاته، حقًّا بإيجاده واختراعه وإزالة حكمه، ولطفًا في كلِّ ما يوجده وإن خفي علينا كنهه.


[1] في (غ): (يخلقها).
[2] في (أ): (ولتعرفوا).
[3] في (أ) و(غ): (ويشكره).
[4] في (غ): (إنهما).
[5] (قوله): ليس في (غ).