مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب جزاء الصيد

          ░░28▒▒ (بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ)
          قوله تعالى: ({لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ} [المائدة:95]) أوَّله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ} [المائدة:95]؛ أي: لا تقتلوا الصَّيد وأنتم محرمون.
          و(الحُرُم) جمع حرامٍ، يقال: رجلٌ حَرَامٌ؛ إذا كان محرِمًا، حرَّم الله تعالى على المحرِم(1) قتل الصَّيد، ({وَمَن قَتَلَهُ} [المائدة:95])؛ [أي: الصيد وهوم محرمٌ في حال العمد؛ ({فَجَزَاءٌ} [المائدة:95])؛ أي: فعليه جزاءٌ، ومَن قرأ(2) ({جَزَاءٌ}) بالتنوين ({مِّثْلُ}) بالرَّفع أراد](3) : جزاءً يماثل ما قتل، ومَن قرأ {جَزَاءُ مِثْلِ} بالإضافة، وخبر(4) {مِثْلُ} جعل مثلًا زيادةً، وتقديره: فجزاء، ({مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة:95]) وهو اسمٌ للإبل والبَقَر والغنم، ({يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ} [المائدة:95])؛ أي: يحكم بالجزاء رجلان عدلان من أهل ملَّتكم، فينظران(5) إلى أشبه الأشياء به مِن النَّعَم، فيحكمان(6) به، ({هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة:95])؛ أي: بالغًا الكعبة(7)، و{هَدْيًا(8) } [المائدة:95] منصوبٌ على الحال، ({أَوْ كَفَّارَةٌ} [المائدة:95])؛ أي: عليه بدل الجزاء كفَّارة إطعام مساكين؛ أي: هي، ({طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ} [المائدة:95])، يعني: أو عليه مثل ذلك، ({صِيَامًا} [المائدة:95]) وعدل الشَّيء بالفتح؛ ما ساواه من غير جنسه، وبالكسر ما ساواه مِن جنسه، و{صِيَامًا}(9) نصبٌ على التَّمييز؛ أي: مِن الصِّيام عن(10) كلِّ مُدٍّ صوم يومٍ، ({لِّيَذُوقَ} [المائدة:95])؛ أي: لينال الثِّقل الشَّديد؛ لمخالفته(11) أمر الله، و(الْوَبَال) الثِّقل في اللُّغة، ({عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف} [المائدة:95])؛ أي: تجاوز عمَّا مضى قبل التَّحريم مِن الصَّيد في الإحرام والحَرَم، ({وَمَنْ عَادَ} [المائدة:95])؛ أي: مَن عاد إلى الصَّيد محرِمًا بعد التَّحريم؛ فيعاقبه الله بالكفَّارة(12) في الدُّنيا، والعقوبة في الآخرة، وقيل: الكفَّارة دون الإثم، ({وَاللّهُ عَزِيزٌ} [المائدة:95])؛ أي: منيعٌ لا يُغلَب، ({ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة:95])؛ أي: ذو مكافأةٍ(13) لمَن خالفه بالعقوبة.
          قوله ╡ : ({أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة:96])، يعني: صيد الماء، سواءٌ كان ماء البحر أو عينًا(14) أو نهرًا أو بئرًا(15)، و(الصَّيد)؛ أي(16) : المصيد؛ أي: أنَّ صيد الماء حلالٌ للمحرِم وغيره في الحرم والحلِّ، و({طَعَامُهُ} [المائدة:96]) المراد به: ما طفا وما لفظه(17) البحر، و({مَتَاعًا لَّكُمْ} [المائدة:96])؛ أي: منفعةً لكم، و({لِلسَّيَّارَةِ} [المائدة:96])؛ أي: للمسافرين، أراد: المقيم والمسافر في البحر، ({وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة:96])؛ أي: كلُّ صيدٍ صاده المحرم، أو صيد له بأمره مِن البر لم يحلَّ له أكله، ({مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:96])؛ أي: محرمين، ({وَاتَّقُواْ اللّهَ} [المائدة:96]) في استحلال صيد البَّرِّ(18) حالة الإحرام وفي الحَرَم، ({الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة:96]) فيجازيكم بأعمالكم.


[1] في (ف): (الحرم).
[2] في (ف): (قرئ).
[3] ما بين معقوفين مثبت من (ف).
[4] في (غ): (وجر).
[5] في (غ): (فينظر).
[6] في (ف): (فيحكيان).
[7] (أي بالغًا الكعبة): مثبت من (ف).
[8] في (ف): (وهدايًا).
[9] زيد في (ف): (ما).
[10] في (غ): (من).
[11] في (ف): (من مختافته).
[12] في (غ): (في الكفارة).
[13] في (ف): (مكافة).
[14] في (غ) و(ف): (عين).
[15] في (غ): (أو نهر أو بئر).
[16] (أي): مثبت من (ف).
[17] في (غ): (لقطه).
[18] في (غ): (البشر).