مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول الله تعالى: {وهو العزيز الحكيم}

          ░7▒ (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم:4])
          ({الْعَزِيزُ}) هو الغالب، مِن عزَّ؛ إذا غلب، ومرجعه إلى القدرة المتعالية عن المعاوضة؛ فمعناه مركَّب مِن وصفٍ حقيقيٍّ ونعتٍ تنزيهيٍّ، وقيل: القويُّ الشديد، مِن قولهم: عزَّ يعزُّ؛ إذا قوي واشتدَّ، ومنه قوله تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس:14]، وقيل: عديم المثل، فيكون مِن أسماء التنزيه، وقيل: هو(1) الذي تتعذَّر الإحاطة بوصفه، ويعسر الوصول إليه مع أنَّ الحاجة(2) تشتدُّ إليه(3)، وحظُّ العارف منه أن يعزَّ(4) نفسه ولا يستهينها بالمطامع الدَّنية(5)، ولا يدنِّسها بالسؤال عن الناس والافتقار إليهم، ويجعلها بحيث يشتدُّ إليها احتياج العباد(6) في الإرفاق والإرشاد.
          وأمَّا ({الْحَكِيمُ}) فهو ذو الحكمة؛ وهي عبارة عن كمال العلم وإحسان العمل والإتقان فيه، وقد تُستعمَل بمعنى العليم والمحكم، وقيل: هو مبالغة الحاكم، وقيل: هو الذي يكون مصيبًا في التقدير، محصيًا في التدبير(7)، وحظُّ العبد(8) مِن هذا الاسم أن يجتهد في تكميل القوَّة النظريَّة؛ بتحصيل المعارف الإلهيَّة، واستكمال القوَّة العمليَّة؛ بتصفية النفس عن الرذائل والميل إلى الدنيا والرغبة في زخارفها(9)، والاشتغال بما يوجب الزلفى مِنَ الله تعالى حتَّى يندرج تحت مَن في(10) قوله تعالى: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة:269].
          قوله تعالى: ({سُبْحَانَ رَبِّكَ} [الصافات:180])؛ أي: تنزيهًا لربِّك ذي الغلبة والقوَّة عمَّا يصفه هؤلاء المشركون به مِنَ الولد والشريك، فإنَّ عزَّه ليس كعزِّ المخلوقين، فإنَّهم يتعزَّزون بالأولاد والأعوان، وهو سبحانه منزَّه عن ذلك مترفِّعٌ عنه.
          قوله: (وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللهِ) / هو ظاهرٌ مع بيان حديثي أنس وأبي هريرة ممَّا مضى في (باب: الحلف(11) بعزَّة الله) مِن (كتاب الأيمان والنذور).


[1] (هو): ليس في (غ).
[2] في (غ): (الخاتمة).
[3] (إليه): ليس في (غ).
[4] في (غ): (يعرف).
[5] في (غ): (الدينية).
[6] في (غ): (العبد).
[7] في (أ): (التدبيز).
[8] في (غ): (العارف).
[9] في (غ): (الرغبة وزخارفها).
[10] (في): ليس في (غ).
[11] في (أ): (الخلف).