مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب إن لله مائة اسم إلا واحدًا

          ░12▒ (بَابُ إِنَّ لِلَّهِ مِئَةَ اسْمٍ إِلَّا وَاحِدًا)
          قوله: ({ذُو الجَلالِ})؛ أي: في قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:27] وهو الذي لا شرف ولا كمال إلَّا وهو له، ولا كرامة ولا مكرمة إلَّا وهي مِنه، قال القشيريُّ: جلاله وكبرياؤه وعلوُّه وبهاؤه كونه بالوصف الذي يحقُّ له العزُّ، فمَن عرَف جلاله؛ تذلَّل وتواضع له.
          قوله: ({البَرُّ})؛ أي: في قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:28] وهو في الحقيقة المحسن؛ إذ ما مِن برٍّ وإحسان إلَّا وهو مولِّيه، قال القشيريُّ: مَن كان الله بارًّا به عصم مِنَ المخالفات نفسه، وأدام بفنون اللَّطائف أنسه، وطيَّب فؤاده، وحصل مراده، ووفَّر في طريقه اجتهاده، وجعل التقوى زاده، وأغناه عن أشكاله بأفضاله، وحماه عن مخالفته بيمن إقباله، ومِن آداب مَن عرف أنَّه(1) تعالى البَرُّ أن يكون بارًّا بكلِّ(2) أحدٍ لا سيَّما بأبويه.
          قوله: (اللَّطِيفُ)؛ أي: في قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]؛ قيل معناه: الملطَّف كالجميل، فإنَّه بمعنى المجمَّل، فيكون مِن أسماء الأفعال، وقيل معناه: العليم بخفيَّات الأمور ودقائقها وما لطف مِنها، وحظُّ العبد مِنه / أن يلطف بعباده، ويرفق بهم في الدعاء إلى الله تعالى والإرشاد إلى طريقه الحقِّ(3)، ويتيقَّن أنَّه تعالى عالمٌ بمكوِّنات الضمائر علمه بجليَّات الظواهر، فلا يضمر ما لا يُحسِن إظهاره.
          وفي الباب حديث أبي هريرة، ومضى بيانه في بابه مِن (كتاب الدعوات).


[1] في (غ): (الله).
[2] في (غ): (كلِّ).
[3] في (أ): (للحق).