مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول الله تعالى:{هو الله الخالق البارئ المصور}

          ░18▒ (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى(1) : {هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر:24])
          ({الْخَالِقُ}) مِنَ الخلق، وأصله: التقدير المستقيم، ويُستعمَل بمعنى الإبداع؛ وهو اتِّخاذ الشيء مِن غير أصلٍ؛ كقوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [الأنعام:1] وبمعنى التكوين؛ كقوله تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ} [النحل:4].
          و({الْبَارِئُ}) مأخوذٌ مِنَ البرء، وأصله: خلوص الشيء مِن غيره، ومنه: برأ الله الغنيمة، وهو البارئ لها، وقيل: هو الذي خلق الخلق براء(2) مِنَ التفاوت والتنافر المخلَّين بالنظام الكامل، فهو أيضًا مأخوذٌ مِن معنى النقص(3).
          و({الْمُصَوِّرُ}) مبدع صور الحيوانات ومزيِّنها ومرتِّبها، فالله سبحانه خالق كلِّ شيءٍ، بمعنى: أنَّه مقدِّره وموجده مِن أصلٍ ومِن غير أصل، وبارئه بحسب ما اقتضته حكمته، وسبقت به كلمته، مِن غير تفاوتٍ واختلالٍ(4)، ومصوِّره بصورة يترتَّب عليها خواصُّه، ويتمُّ بها كماله، وثلاثتها مِن أسماء الأفعال، وحظُّ العارف منها ألَّا يرى شيئًا ولا يتصوَّر أمرًا إلَّا ويتأمَّل(5) فيما فيه مِن باهر القدرة وعجائب الصنع، فيترقَّى مِنَ المخلوق إلى الخالق، وينتقل مِن ملاحظة المصنوع إلى ملاحظة الصانع؛ بحيث / كلَّما نظر إلى شيءٍ وجد الله عنده.
          وفي الباب حديث أبي سعيدٍ، ومضى بيانه في (باب: غزوة بني المصطلق) مِن (كتاب المغازي).


[1] (تعالى): ليس في (غ).
[2] في (أ) و(غ): (برياء).
[3] في (أ): (النقضي)، وفي (غ): (التقصي).
[4] في (غ): (غير اختلال وتفاوت).
[5] في (غ): (إلا يتأول).