مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قوله تعالى: {وكان الله سميعًا بصيرًا}

          ░9▒ (بَابُ قَوْلِهِ(1) تَعَالَى: {وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:134])
          هما مِن أوصاف الذات، و(السمع) إدراك المسموعات حال حدوثها، و(البصر) إدراك المبصرات حال وجودها، وقيل: إنَّهما في حقِّه تعالى صفتان(2) تنكشف بهما المسموعات والمبصرات انكشافًا تامًّا، ولا يلزم مِن افتقار هذين النوعين مِن الإدراك فينا إلى آلة افتقارهما إليها بالنسبة إلى الله تعالى؛ لأنَّ صفات الله تعالى مخالفة لصفات المخلوقين بالذات، وإن كانت يشاركها(3) فإنَّما تشاركها بالعوارض وفي بعض اللوازم، ألا ترى أنَّ صفاتنا أعراض عارضة معترضة للآفة والنقصان، وصفاته تعالى مقدَّسة عن ذلك، وحظُّ العبد منهما أن يتحقَّق أنَّه يسمع مِنَ الله، ويرى مِنه، فلا يستهين باطِّلاع الله ونظره إليه، ويراقب جوامع(4) أحواله؛ مِن مقاله وأفعاله، قال القشيريُّ: مَن عرف مِن عباده أنَّه السميع البصير؛ فمِن آدابه دوام المراقبة، ومطالبة النفس بدقيق المحاسبة، وقيل: إذا عصيت مولاك فاعصِ في موضعٍ لا يراك.
          قولها(5) : (الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ) قالتها حين رأت خولة _امرأة أوس بن الصامت_ تجادل رسول الله صلعم وتراجعه في شأن زوجها بظهاره مِنها، وكانت عائشة تغسل رأس النبيِّ صلعم، فنزل جبرئيل بهذه الآية، فدعا رسول الله صلعم زوجها / فتلاها عليه، فقالت عائشة: الحمد لله الذي وَسِعَ سمعه الأصوات، إنِّي كنت أسمع كلام خولة ويخفى عليَّ بعضه، وهي تحاور رسول الله صلعم، فما برحت حتى نزل جبرئيل بهذه الآية.
          وفي الباب حديث أبي موسى، ومضى بيانه في بابه مِن (كتاب الدعوات) وفي (باب: ما يكره مِن رفع الصوت في التكبير) مِن (كتاب الجهاد).
          وفي الباب حديث عبد الله بن عمرو، ومضى(6) بيانه في (باب: الدعاء في الصلاة) مِن (كتاب الدعوات).
          وفي الباب حديث عائشة، ومضى بتمامه مع بيانه(7) في (باب: ذكر الملائكة) مِن (كتاب بدء الخلق).


[1] في (غ): (قول الله).
[2] في (غ): (صفات).
[3] في (غ): (يشاركهما)، .
[4] في (غ): (مجامع).
[5] في (غ): (قوله).
[6] في (غ): (مضى)، بلا واو.
[7] في (غ): (ومضى بيانه بتمامه).