مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}

          ░23▒ (بَاب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج:4])
          أي: تصعد الملائكة والروح إلى أمره تعالى؛ يعني: إلى حيث أمرهم بالمصير إليه، وقيل: إلى محلِّ كرامته، وقيل: إلى الموضع الذي لا يجري لأحدٍ فيه حكمٌ سوى الله تعالى، فجعل / خروجهم إلى ذلك الموضع خروجًا إليه عزَّ وعلا.
          والمراد بـ({الرُّوحُ}) جبرئيل، وخصَّه بالذكر بعد ذكر الملائكة؛ تشريفًا له.
          قوله تعالى: ({إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:10])؛ أي: إلى علم الله تصعد(1) كلمة التوحيد _وهي لا إله إلَّا الله_ وإلى محلِّ قبولها، وقيل: معنى ({إِلَيْهِ يَصْعَدُ}): يعلم؛ أي: أنَّه يعلم ما يتكلَّم به المؤمن مِن كلمة التوحيد فيجازي به، وقيل: أي: إلى سمائه؛ وهي المحلُّ الذي لا يجري(2) لأحدٍ سواه فيه حكمٌ، ولا يكون لغيره فيه مُلكٌ، فجعل صعوده إلى السماء صعودًا إليه، تعالى الله عن الجهات.
          ({وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} [فاطر:10]) هو فعل الطاعات، قال ابن عبَّاسٍ: العمل الصالح يرفع الكلم الطيِّب إلى الله، فيعرض القول على الفعل، فإن وافقه قُبل، وإن خالفه(3) ردَّ، وقال قتادة: أي: والعمل الصالح يرفعه الله؛ أي: يقبله، وقال: وهذا ابتداء إخبارٍ لا تعلُّق له بما قبله.
          قوله: ({ذِي المَعَارِجِ})؛ أي: في قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ. مِّنَ اللهِ ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج:2-3]؛ أي: لا دافع للعذاب الواقع بالكفَّار، ولا مانع له مِنَ الله، ({ذِي المَعَارِجِ})؛ أي: واقعٌ أو كائنٌ مِنَ الله، وقوله: ({ذِي المَعَارِجِ}) صفةٌ لله؛ أي(4) : خالق المعارج ومالكها، وهي الدرجات؛ أي: المواضع التي يصعد فيها الملائكة، واحدها (معرَّج) قال الكلبيُّ: هي السموات، وسمَّاها معارج؛ لأنَّ الملائكة يعرج(5) فيها، وقيل: هي درجات الجنَّة التي يعطيها الله أولياءه.
          وفي الباب حديث أبي هريرة، ومضى بيانه في (باب: فضل(6) صلاة العصر) مِن (كتاب الصلاة).


[1] في (غ): (يصعد).
[2] في الأصل: (يجزى).
[3] في (غ): (وافقه).
[4] (أي): ليس في (غ).
[5] في (غ): (تعرج).
[6] (فضل): ليس في (غ).