مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

كتاب في المظالم

           (♫)
          ░░46▒▒ (كِتَابٌ فِي المَظَالِمِ وَالغَصْبِ)
          قوله تعالى: ({وَلاَ تَحْسَبَنَّ} [إبراهيم:42])؛ أي: ولا تظنَّن يا محمَّدُ أنَّ الله تعالى تاركٌ / جزاءَ عمل الظالمين، بل يجازيهم لا محالة، وهذا وعيدٌ(1) للظالمين وتعزيةٌ للمظلومين، ({إِنَّمَا نُؤَخِّرُهُم} [إبراهيم:42])؛ أي: نؤخِّر عذابهم ونمهلهم لجزاء، ({يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيْهِ الأَبْصَارُ} [إبراهيم:42])؛ أي: لا تغتمض مِن هول ما يُرَى في ذلك اليوم، يُقال: شخَص بصرُه إذا ارتفع يديم النظر مِن فزَعٍ أو كربٍ، ({مُهْطِعِينَ} [إبراهيم:43]) قال ابن عبَّاسٍ؛ أي: مديمين(2) النظر لا يطرفون(3)، ({مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم:43])؛ أي: ناكسي رؤوسهم لا يرفعونها، ({لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ} [إبراهيم:43])؛ أي: لا يرجع إليهم أبصارُهم مِن شدَّة النظر فهي شاخصةٌ مِنَ الخوف، و({أَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء(4) } [إبراهيم:43])؛ أي: وقلوبهم خاليةٌ عَنِ العقول(5)، وقيل: هواء؛ أي: زائلةٌ عن مقارِّها، و({أَنذِرِ النَّاسَ} [إبراهيم:44])؛ أي: حذِّرهم عذاب الله يوم القيامة، ({فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} [إبراهيم:44])؛ أي: المشركون، (خلقتم) من قبل؛ أي: في الدُّنيا، ({مَا لَكُم} [إبراهيم:44])؛ أي: أنَّكم إذا مُتُّم لا تزولون عن تلك الحالة إلى حياة ثانية؛ تعني: لو(6) لم تكونوا أقسمتم مِن قبل أن لا قيامة ولا بعث، {وَسَكَنتُمْ} [إبراهيم:45]؛ أي: وسكنتم(7) في ديار الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي، ({وَتَبَيَّنَ لَكُمْ} [إبراهيم:45])؛ أي: وظهر لكم كيف فعلنا بهم حين كفروا وكذَّبوا الرسل، ({وَضَرَبْنَا(8) } [إبراهيم:45])؛ أي: وبيَّنا لكم أنَّ مثلكم ومثل أولئك، وقيل: الأمثال التي في القرآن، ({وَقَدْ مَكَرُواْ} [إبراهيم:46])؛ أي: فعلوا ما أمكنهم وبلغوا جُهدَهم في تأييد الكفر وإبطال أمر الأنبياء، وعند الله جزاءُ مكرهم فإنَّه معلومٌ عندَه لا يخفى عليه، ({وَإِن كَانَ} [إبراهيم:46])؛ أي: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، و{إن} بمعنى (ما) واللام، في {لِتَزُولَ} [إبراهيم:46] لام الجحد، وأراد بالجبال(9) أمرَ النبيِّ صلعم وما أُتي النبي صلعم (10) به مِنَ المعجزات؛ يعني: أنَّ مكرهم أوهنُ وأضعفُ مِن أن يزول منه أمر النبيِّ صلعم الذي هو كالجبال في العظم والثُّبوت والظهور، ({فَلاَ تَحْسَبَنَّ} [إبراهيم:47])؛ أي: لا تحسبنَّ الله مخلف رسوله(11) وعدَه مِنَ النصر والفتح وإظهار الدِّين، ({إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ} [إبراهيم:47])؛ أي: منيع لا يغلبه أحدٌ ولا يعجزه شيءٌ، ({ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم:47]) مِنَ الكفرة والظَّلمة، والانتقام هو الانتصاف مِنَ الجاني بالعقاب.


[1] في (أ): (وعبد).
[2] في (ف): (يديمون).
[3] في (ف): (يطرقون).
[4] ({هَوَاء}): ليس في (أ) و(ف).
[5] زيد في (أ): (وقبل).
[6] في (ف): (أو).
[7] (أي وسكنتم): ليس في (ف).
[8] في (ف): (فضربنا).
[9] (بالجبال): ليس في (ف).
[10] (النبي صلعم): ليس في (ف).
[11] في (ف): (رسله).