مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله}

          ░35▒ (بَاب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ} [الفتح:15])
          أوَّله: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ} [الفتح:15]؛ أي: عن الحديبية، وهم الأعراب الذين قالوا: شغلتنا أموالنا وأهلونا؛ يعني: سيقولون لكم(1) : {إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ} [الفتح:15] خيبر(2)، {لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} [الفتح:15]؛ أي: دعونا نجيء معكم لنصيب مِنَ الغنائم، فأخبر الله تعالى أنَّهم يريدون بهذا الطلب تبديل كلام الله، وهو وعده لأهل الحديبية بأنَّ غنائم خيبر لهم خصوصًا دون غيرهم، وقيل: هو وعده رسوله بالفتح والظفر حين ظنُّوا أنَّه لا يظفر.
          قوله: ({لَقَوْلٌ})؛ أي: في قوله تعالى: ({إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق:13-14])؛ أي: إنَّ القرآن لقول حقٍّ، يفصل بين الحقِّ والباطل، جدٌّ لا لعب فيه، وقيل: أي: قول ينقطع به التنازع، ويلزم الانقياد له؛ لظهور الحجَّة ووضوح الدلالة فيه، وهو حقٌّ ليس بباطلٍ ولا كذبٍ، واعلم أنَّ كلام الله تعالى عظيمٌ، إذ عظمة الكلام على قدر عظمة(3) المتكلِّم، وكلام الله عَظم بعظمته، وجلَّ بجلاله، وكَبُر بكبريائه، قرب ودنا بوعده ووعيده وحدوده وأحكامه وأنبائه، وبَعُدَ ونأى بكنهه وغايته وعِظَم شأنه وقَهر سلطانه وسطوع نوره وضيائه، فهو عالي الرتبة، عظيم المنزلة، وناهيك في تعظيم شأنه قوله تعالى: {قُل لَّئِنِ(4) اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء:88].
          وفي الباب / حديث أبي هريرة، ومضى بيانه في بابه مِن (سورة {حـم} الجاثية) مِن (كتاب التفسير).
          وفي الباب حديث أبي هريرة أيضًا، وسبق شرحه في (باب: فضل الصوم) وفي (باب هل يقول: إنِّي صائم إذا شُتم؟) مِن (كتاب الصوم).


[1] في (غ): (كلم).
[2] (خيبر): ليس في (غ).
[3] في (غ): (عظمته).
[4] في (أ): (لو).