مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب قول الله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به}

          ░44▒ (بَاب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: / {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} الآية[الملك:13])
          قال ابن عبَّاسٍ: كان المشركون ينالون مِنَ النبيِّ صلعم ويقولون فيه السوء، فيخبره جبرئيل بذلك، فيقول بعضهم لبعضٍ: أسرُّوا قولكم كيلا يسمع آل(1) محمَّدٍ، فأنزل الله هذه الآية وأخبر أنَّه سواءٌ عنده السرُّ والجهر، فإنَّه يعلم ما تخفيه الصدور ويضمره القلوب، كما يعلم ما يجهر به القول مِن غير فرقٍ.
          و(ذوات الصدور) ما تكنُّه الصدور.
          وقوله: ({أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك:14])؛ أي: ألا يعلم ما في الصدور مَن خلق الصدور، وقيل: ألا يعلم السرَّ مَن خلق(2) السرَّ.
          ({وَهُوَ اللَّطِيفُ} [الملك:14])؛ أي: العالم بدقائق الأشياء.
          ({الْخَبِيرُ} [الملك:14])؛ أي: العالم ببواطن الأشياء وحقائقها، فالله سبحانه(3) عالمٌ بجميع المعلومات بعلمٍ واحدٍ قديمٍ أزليٍّ، لا يعزب عنه مثقال ذرَّةٍ في السموات ولا في الأرض، يحصي أعداد الرمال وذرَّات الجبال، علم ما كان قبل كونه، ويعلم ما يكون، فإنَّه تعالى(4) مستقلٌّ بعلم الكون مطلقًا أوَّلًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا، عالمٌ بالجزئيَّات كما هو عالم بالكلِّيَّات، فهو سبحانه عالمٌ على الإطلاق، وسائر العلوم هو واهبها وخالقها.
          قوله: ({يَتَخَافَتُونَ})؛ أي: في قوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه:103]؛ أي: يتسارُّون بينهم(5) فيقول بعضهم لبعضٍ: ما لبثتم في القبور مِنَ النفخة الأولى إلى(6) الثانية إلَّا عشر ليالٍ، وذلك أنَّهم يرفع العذاب عنهم ما بين النفختين(7)، وهو أربعون سنة فيستقصرون مدَّة لبثهم في القبر.
          وسبق بيان حديث ابن عبَّاسٍ وحديث عائشة في (باب قوله ╡ : {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ} [الإسراء:110]) في آخر (سورة بني اسرائيل) مِن (كتاب التفسير).


[1] في (أ) و(غ): (آله).
[2] في (غ): (يخلق).
[3] في (غ): (تعالى).
[4] في (غ): (سبحانه).
[5] في (غ): (يتشاورون منهم).
[6] (إلى): ليس في (غ).
[7] في (غ): (النفخين).