مقاصد التنقيح إلى شرح الصحيح

باب المناقب

          ░░61)) (بَابُ المَنَاقِبِ)
          قال الراغب: «المنقبة» طريق منفذٍ(1) في الجبال، واستُعِير للفعل الكريم؛ إمَّا تأثيرًا له، أو لكونه منهجًا في رفعةٍ.
          قوله تعالى: ({يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [الحجرات:13]) هذه الآية تتضمَّن الإعلام بأنَّ التفاضل إنَّما هو بالدين، و(الكرم) هو التقوى، والنهي عن(2) التفاخر بالأنساب.
          واعلم أنَّ الشعوب رؤوس القبائل وجمهورها، وهي أكثر مِنَ القبائل كربيعة ومضر والأوس والخزرج، سُمُّوا شَعْبًا _بفتح الشين وسكون العين_ لتشعُّبهم، وهو الاجتماع، و(شعَّبته)؛ أي: جمعته(3) وفرَّقته، وهو مِنَ الأضداد، ثمَّ بعد الشعوب (القبائل) وهي جمع (قبيلةٍ) كبكرٍ مِن ربيعة، وتميمٍ مِن مضر، ثمَّ بعد القبائل (العمائر)، واحدها (عَمارة) بفتح العين، وهي كشيبان(4) مِن بكرٍ، ودارمٍ مِن تميمٍ، ثمَّ بعد العمائر (البطون) واحدها (بطنٌ)، وهم(5) كلؤَيِّ بن غالبٍ مِن قريشٍ، ثمَّ بعد البطون (الأفخاذ) / واحدها (فخذ) وهم كبني هاشمٍ وأميَّة مِن لؤيٍّ، ثمَّ (الفصائل(6)) و(العشائر(7))، وهي دون الجميع، واحدها (فصيلةٌ(8)) و(عشيرةٌ) وقِيل: (الشعوب) مِن قحطان، و(القبائل) مِن (عدنان) فالمعنى: إنَّا خلقناكم مِن آدم وحوَّاء، فكلُّكم مِن أبٍ واحدٍ وأمٍّ واحدةٍ، فليس بينكم تفاضلٌ في النسب؛ لأنَّ أباكم وأمَّكم واحدٌ.
          ({وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:13])؛ أي: ليعرف بعضكم بعضًا، فيتوصَّلوا(9) به إلى صلة الأرحام، لا لتفاخروا بالأنساب، ({إِنَّ أَكْرَمَكُمْ} [الحجرات:13])؛ أي: منزلةً عند الله، ({أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13])؛ أي: أكثركم خوفًا مِن عقابه؛ بلزوم(10) طاعته والاجتناب عن معصيته، قال قتادة: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ(11) } (الكرم) التقوى، وألأم اللؤم الفجور، ({إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ} [الحجرات:13]) بكم ({خَبِيرٌ} [الحجرات:13]) بفعلكم.
          قوله تعالى: ({وَاتَّقُواْ(12) اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ} [النساء:1])؛ أي: تتساءلون به(13)، بتاءين، فأُدغِمت الثانية في السين، فصار (تسَّاءلون) بالتشديد، ومَن خفَّف السين حذف التاء، ولم يدغم؛ أي: يسأل بعضكم بعضًا بالله، فيقول: أسألك بالله، وأنشدك بالله(14)، ({وَالأَرْحَامَِ} [النساء:1])، قُرِئ: بالنصب عطفًا على اسم الله؛ أي: فاتَّقوا الأرحامَ فصِلُوها، ولا تقطعوها، وقُرِئ: بالجرِّ عطفًا على الهاء، في ({بِهِ}) وهو قول الرجل: أسألك بالله وبالرحم، بحذف الجارِّ، ({إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1])؛ أي: لم يزل عليكم حافظًا لأعمالكم، و(الرقيب) الحافظ(15).


[1] في (ب) و(ف): (ينفذ).
[2] في (أ): (من).
[3] في (ف): (جميعه).
[4] في (ف): (كيسان).
[5] في (ب): (وهو).
[6] في (ب): (الفضائل)، وفي (ف): (الفضل).
[7] في (ف): (أو العشائر).
[8] في النسخ: (فضيلة).
[9] في (ف): (فيوصلوا).
[10] في (ب): (وبلزوم).
[11] في (ب): (أكرم).
[12] في (أ) و(ب): {اتَّقُواْ}، بلا واو.
[13] (أي تتساءلون به): ليس في (ف)، و(به): ليس في: (ب).
[14] (وأنشدك بالله): ليس في (ف).
[15] في (ف): (الحافظه).