التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أما إنه من أهل النار

          4202- قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هذا هو يعقوب بن عبد الرَّحمن القاريُّ؛ بتشديد الياء، تَقَدَّم.
          تنبيهٌ: لهم يعقوب عن أبي حازم عن سهل، لكن اسم أبيه الوليد بن أبي هلال، له حديث واحد في «ابن ماجه»: (كان ◙ يأكل الرطب بالبِطِّيخ) فقط، ولم يخرِّج له غيره وغير التِّرْمِذيِّ، وهو هالك.
          قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّه سلمة بن دينار.
          قوله: (وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلعم رَجُلٌ): هذا الرجل يقال له: قُزمان الظَفَريُّ، ويُكنى: أبا الغَيْداق، منافقٌ معروف، ومقتضى إيراد البُخاريِّ لهذا الحديث هنا: أن تكون جرت قصَّته بخيبر، وفي أوائل «مسلم» من حديث أبي هريرة ☺: (شهدنا مع رسول الله صلعم حُنينًا)، كذا وقع في الأصول، قال القاضي عياض: (صوابُه: خيبر)؛ بالخاء المعجمة، كذا نقله عنه الشيخ محيي الدين وأقرَّه، وكذا في هذا «الصحيح» من حديث أبي هريرة، كما مضى في (باب: إنَّ الله يؤيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر)، وذكرت هناك التنبيه عليه [خ¦3062]، وكما سيأتي قريبًا: أنَّ القصَّة كانت في خيبر، فبعضهم يقول: حُنينًا، وبعضهم قال: خيبر، وقد ذكر الحديث الخطيب البغداديُّ في «مبهماته»، وتابعه النوويُّ، وسمياه قُزمان، وأنَّ القصَّة كانت في أُحُد، وأقرَّه عليه النوويُّ، وقد ذكرت ذلك مطوَّلًا في (باب إنَّ الله يؤيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر) [خ¦3062]، وقد رأيتُ القصَّة في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديث سهل بن سعد، وأنَّها في أُحُد، كما ذكرها ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة شيخه التابعيِّ المشهور الثقة، وما أظنُّ في كلام غيره من أهل السير ما يخالفه، كيف وسيجيء عن ابن الجوزيِّ أنَّه نقله عن أهل المغازي؟! وهو الذي يظهر؛ لأنَّ النفاق كان في أوَّل المَقْدَم كثيرًا، وأُحُد تَقَدَّم تاريخها أنَّها في شوالٍ سنة ثلاث [خ¦64/17-5970]، وخيبر تَقَدَّم تاريخها أنَّه في أوَّل السابعة، أو في آخر السادسة [خ¦64/38-6129]، وكان النفاق قد ضَعُف جدًّا، وأذهبَ الله غالبه، والله أعلم، وقد نقل شيخنا في (الجهاد) عن ابن الجوزيِّ الحافظ أبي الفرج: أنَّها كانت في أُحُد، كما قاله أهل المغازي، قال شيخنا: (وهما قصَّتان)، انتهى، وأنا أستبعد أنَّهما قصَّتان، والله أعلم.
          قوله: (لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً): (الشاذَّة)؛ بالذال المعجمة المشدَّدة، وكذا (الفاذَّة)، ومعنى (الشاذَّة): المنفردة، وكذا (الفاذَّة)، ومعنى الكلام: لا يدع من الناس أحدًا، ولا من شذَّ وفذَّ؛ أي: انفرد.
          قال ابن قُرقُول: (ووقع في رواية القابسيِّ والأصيليِّ عن المروزيِّ في حديث قتيبة في «غزوة خيبر» _يعني: هذا الحديث_ فإنَّ من رواية قتيبة: «لا يدع شاذَّة ولا قاذَّة»؛ بالقاف، قال الأصيليُّ: كذا قرأته على أبي زيد، وضَبَطه في كتابه، ولا وجه له، وهو تغيير، وإن كان قد قال بعضُ الناس «القاذَّة: الجماعة» قال: فلعلَّه كذلك بدال مهملة، ومنه: {طَرَائِقَ قِدَدًا}[الجن:11]، ووقع للقابسيِّ في حديث القعنبيِّ: «نادَّة»؛ بالنون، وله وجه، يكون بمعنى: شاردة، من ندَّ البعير، والصواب بالفاء، كما في سائر المواضع، وكما في «مسلم» من غير خلاف)، انتهى.
          قوله: (مَا أَجْزَأَ): هو بهمزة مفتوحة في أوَّله، وفي آخره كذلك، وهذا ظاهرٌ، وكذا الثانية.
          قوله: (أَمَا إِنَّهُ): (أمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و(إنَّه): بكسر الهمزة، وقد تَقَدَّم نظراؤه غيرَ مرَّةٍ.
          قوله: (رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ): لا أعرف هذا الرجل، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (إنَّه يحتمل أن يكون أكثم بن الجون أو ابن أبي الجون؛ فليُحرَّر).
          قوله: (فَجُرِحَ الرَّجُلُ): (جُرِح): بضمِّ الجيم، وكسر الراء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و(الرجلُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، والمراد: قُزمان الذي ذكرته آنفًا.
          قوله: (فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ): كذا هنا، وفي بعض طرقه في «الصحيح» كما سيأتي قريبًا: (فأهوى بيده إلى كنانته، فاستخرج منها أسهمًا، فنحر بها نفسه) [خ¦4203]، وكأنَّه فعل الاثنين، وهذا جمعٌ بين الروايتين، وقد قدَّمتُ أنَّ في «سيرة ابن إسحاق»: أنَّه أخذ سهمًا من كنانته، فقطع به رواهش يده، فقتل نفسه، انتهى [خ¦2898]، والرواهش؛ بالراء، والشين المعجمة: عروق باطن الذراع؛ نقله الجوهريُّ في «صحاحه» عن أبي عمرو، والظاهر أنَّه فعل الأشياء الثلاثة، والله أعلم.
          قوله: (آنِفًا): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بمدِّ الهمزة، وقصرها؛ لغتان قرئ بهما في السبع، ومعناه: الآن، والساعة.
          قوله: (فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ): (الناسُ): مرفوعٌ فاعل، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (فَجُرِحَ(1) جُرْحًا شَدِيدًا): (جُرِح): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
          قوله: (فِيمَا يَبْدُو): هو بفتح أوَّله، غير مهموز؛ أي: يظهر، وكذا الثانية.


[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و(ق): (ثُمَّ جُرِح).