التلقيح لفهم قارئ الصحيح

أبواب التهجد

          ░░19▒▒ (كِتَابُ التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ)...إلى (بَاب الْمُدَاوَمَةِ عَلَى رَكْعَتَي الْفَجْرِ)
          قال الدِّمياطيُّ: (قيل: التَّهجُّد من الأضدادِ، تهجَّد؛ إذا نام، وإذا سهر لصلاةٍ أو سببٍ)، _[وكذا قال غيرُه من أهل اللُّغة، قال]_: (وقيل: هجد: نام، وتهجَّد: قام وسهر) انتهى.
          ثمَّ اعلم أنَّ التَّهجُّد كان واجبًا عليه صلعم، قال القفَّالُ: (وهو أن يُصلِّي من اللَّيل وإن قَلَّ)، قال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ}[الإسراء:79]؛ أي: زيادة لك على ثواب الفرائض، بخلاف تهجُّدِ غيرِه؛ فإنَّه جابرٌ للنُّقصان المُتطرِّق إلى الفرائض، وهو ╕ معصوم عن تطرُّق الخلل إلى مفروضاته، وقد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، حكاه إمام الحرمين، وذكر البغويُّ في «تفسيره» نحوَه، قال الحسن وغيره: (ليس لأحدٍ نافلةٌ إلَّا النَّبيَّ صلعم؛ لأنَّ فرائضَه كاملةٌ، وأمَّا غيره؛ فلا يخلو عن نقص، فنوافله تُكمِلُ فرائضَه)، وأسنده البيهقيُّ في «دلائل النُّبوَّة» عن مجاهد، وكذا ابن المنذر في «تفسيره»، وذكر ابن المنذر عن الضَّحَّاك نحوه، وذكره سليم بن حيَّان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، ثمَّ استدلَّ الرَّافعيُّ وغيره أيضًا بحديث عائشة ♦: أنَّ رسول الله صلعم قال: «ثلاثٌ هنَّ عليَّ فرائضُ، وهنَّ لكم سُنَّةٌ: الوتر، والسِّواك، وقيام اللَّيل»، وهو حديثٌ ضعيفٌ، أخرجه البيهقيُّ في «سننه»(1)، و«خلافيَّاته»، وفي سندِه موسى بن عبد الرَّحمن الصَّنعانيُّ، / قال ابن عديٍّ: (مُنكَر الحديث)، وضع على ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبَّاس كتابًا في التَّفسير، جمعه من كلام مقاتل والكلبيِّ، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (وضعه على ابن جريج...) إلى آخر كلامه عن ابن حِبَّان بزيادة: (دجَّالٍ)، وقال البيهقيُّ: (موسى هذا ضعيف جدًّا، ولم يثبُت في هذا إسنادٌ)(2).
          واعلم أنَّ الشيخ أبا حامد نقل بعد حكاية ذلك عن الأصحاب: (أنَّ الشَّافعيَّ نصَّ على أنَّه نُسِخ وجوبُه في حقِّه، كأمَّته)، قال ابن الصَّلاح والنَّوويُّ في «الرَّوضة»: (وهذا هو الصَّحيح الذي تشهد له الأحاديث، منها: حديث سعد بن هشام عن عائشة في «مسلم»...) فذكر الحديث إلى قوله: (فصار قيام اللَّيل تطوُّعًا بعد فريضةٍ)، والمسألة طويلة.
          وحكى النَّوويُّ في «شرح مسلم» عن القاضي عياض في (باب صلاة اللَّيل) عن بعض السَّلف: (أنَّه يجبُ على الأمَّة من قيام اللَّيل ما يقع عليه الاسم، ولو قدر حلبِ شاة)، قال: (وهو غلطٌ مردودٌ بإجماع مَن قَبْلَه مع النُّصوص الصحيحة أنَّه(3) لا واجب إلَّا الصَّلواتُ الخمسُ)، والله أعلم.


[1] «السنن الكبرى» ░7/39▒.
[2] «السنن الكبرى» ░7/39▒.
[3] في (ج): (لأنه).