التلقيح لفهم قارئ الصحيح

كتاب الجهاد والسير

          ░░56▒▒ (كِتَابُ الجِهَادِ والسِّيَرِ)... إلى (بَاب: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ} الآية[آل عمران:169])
          اعلم أنَّ الجهادَ فرضُ كفايةٍ في عهدِ رسول الله صلعم، أمَّا كونُه فرضًا، فبالإجماع، وأمَّا كونُه فرضَ كفايةٍ، فاحتُجَّ له بقوله: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}... إلى قوله: {وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى}[النساء:95]، ولو كان القاعدون تاركين للفرض، لَمَا وعدهم اللهُ الحسنى، وقال بعضُ العلماء من الشَّافعيَّة: كان فرضَ عينٍ على الأنصار دون غيرِهم؛ لأنَّهم بايعوا(1) عليه(2)، وكان شعارهم: [من الرَّجز]
نَحْنُ الذينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا                     عَلَى الجِهَادِ مَا حَيِيْنَا أَبَدَا
          وقال الماورديُّ: كان فرضَ عينٍ على المهاجرين، وكفاية على غيرهم.
          تنبيهٌ: لمَّا أذن اللهُ ╡ لنبيِّه في القتال؛ كانت أوَّلَ آيةٍ نزلت في ذلك: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج:39]، ورُوِي مسندًا إلى ابن عبَّاس ☻ وهذا في «النَّسائيِّ الصَّغير»، رويناه عنه من طريق أبي عَروبة بسنده إليه(3)، ورويناه عن ابن عائذٍ بسنده إلى الزُّهريِّ قال فيه: كان أوَّل آية أُنزِلت في القتال... فذكر ذلك، غير أنَّه تلا إلى: {عَزِيزٌ}[الحج:40]، وفي «سيرة مغلطاي»: (وكانت أوَّلَ آيةٍ نزلت في الإذن بالقتال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ}... الآية، وفي «الإكليل»: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ}[التوبة:111])، ذكر ذلك بعد العقبة الثانية قبل التَّنقيب عليهم وقبل الهجرة(4)، وابنُ سيَّد النَّاس ذكره في أوَّل(5) (المغازي)، والله أعلم.
          قوله: (والسِّيَر): هي جمع (سِيرة)، و(السِّيَر): بكسر السين وفتح الياء، و(السِّيرة): الطَّريقة، يقال: إنَّها من (سار يسير)، وترجموه بـ(كتاب السِّيَر)؛ لأنَّ الأحكامَ المذكورةَ فيه مُتلقَّاةٌ من سِيَر رسولِ الله صلعم في غزواته.


[1] في (ب): (بالغوا).
[2] (عليه): سقط من (ب).
[3] في (ب): (وفيه).
[4] في (ب): (الشجرة)، وهو تحريفٌ، «الإشارة إلى سيرة المصطفى» (ص148_149▒.
[5] (أول): سقط من (ب).