التلقيح لفهم قارئ الصحيح

كتاب أحاديث الأنبياء

          ░░60▒▒ (كِتَابُ الأَنْبِيَاء)... إلى (بَابِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء: 125]).
          تنبيه: روى أبو ذرٍّ _كما أخرجه ابن حِبَّان كما في حفظي_ قال: قلت: يا رسول الله؛ كم الأنبياء؟ قال: «مئة ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفًا»، قلت: يا رسول الله؛ كم الرسل من ذلك؟ قال: «ثلاثُ مئة وثلاثةَ عشرَ، جمٌّ غفيرٌ»، قلت: مَن كان أوَّلهم؟ قال: «آدم»، قلت: يا رسول الله؛ أنبيٌّ مرسلٌ؟ قال: «نعم؛ خلقه الله تعالى بيده، ونفخ فيه من روحه، وسوَّاه قِبَلًا» _وسيأتي معناه قريبًا_ ثمَّ قال: «يا أبا ذرٍّ؛ أربعةٌ سريانيُّون: آدم، وشيث، وخنوخ _وهو إدريس، وهو أوَّل مَن خطَّ بالقلم_ ونوح، وأربعةٌ مِنَ العرب؛ هودٌ، وشعيبٌ، وصالحٌ، ونبيُّك، يا أبا ذرٍّ؛ وأوَّل أنبياء بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى...»؛ الحديث بطوله، وقد روى وهبٌ عن ابن عَبَّاس قال: «الرسل ثلاثُ مئةٍ وخمسةَ عشر، خمسةٌ منهم عبرانيُّون؛ وهم: آدم، وشيث، وإدريس، ونوحٌ، وإبراهيم، وخمسةٌ مِنَ العرب؛ هودٌ، وصالحٌ، وإسماعيل، ويعقوب، وعيسى، ومُحَمَّد(1)»، قال(2) أبو منصور اللُّغويُّ: (وكلُّ أسماء الأنبياء أعجميَّة إلَّا أربعةً؛ آدمُ، وصالحٌ، وشعيبٌ، ومُحَمَّدٌ)، وقوله فيه: (قِبَلًا): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وفي روايةٍ: (إنَّ الله كلَّمه قِبَلًا)؛ أي: عيانًا ومقابلةً، لا مِن وراء حجاب(3)، ومن غيرِ أن يولِّيَ أمرَه أو كلامه أحدًا مِن ملائكته، وقوله فيه: (إنَّ أوَّل أنبياء بني إسرائيل موسى): فهذا مؤوَّلٌ؛ لأنَّ يوسف نبيٌّ مرسلٌ بنصِّ القرآن إن قلنا: إنَّه المراد في القرآن، وهو ابن يعقوب، ويعقوب هو إسرائيل(4).
          قوله: (باب خَلْقِ آدَمَ): آدم صلعم(5) هو أبو البشر، هذه كنيته، ويقال: أبو مُحَمَّد، خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنَّته، وكرَّم ذرِّيَّته، وعلَّمه جميع الأسماء، وجعله أوَّل الأنبياء، بل وأوَّل الرسل _كما سيأتي_، وعلَّمه ما لم يُعَلِّم الملائكةَ المقرَّبِين، وجعل مِن نسله الأنبياء، والمرسلين، والأولياء، والصدِّيقين، وفي «مسلمٍ»: أنَّ الله خلقه يوم الجمعة، [ونفخ فيه من روحه، وجعله خاتمة خلقه؛ أي: خلقه يوم الجمعة بعد أن خلق الخلق، وقد ابتدأهم من يوم السَّبت، قال رسولُ الله صلعم: «خلق الله التُّربة يوم السبت...»؛ الحديث أخرجه مسلم، وخلقه في أحسن صورة، وأقسم عليه بقوله: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} إلى قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين:1-4]، ولقَّنه الحمدَ حين عطس، ثمَّ قال: (يرحمك ربُّك يا آدم)، فسبقت رحمتُه غضبَه، وأباح له جميع الجنَّة إلَّا شجرةً واحدةً _وسيأتي ما هي، والاختلاف فيها [خ¦3340] _ وأمر الملائكة بالتَّلقين منه، وجعله أبا البشر، وجعله في الأرض خليفةً عَنِ الملائكة وفضَّله بها عليهم، ولعن إبليس من أجله، وهو أوَّل تائبٍ، وأوَّلُ مجتبًى، وأوَّلُ مصطفًى، وأوَّلُ خليفةٍ في الأرض، وهو مميِّز الأرواح الخبيثة من الطَّيِّبة، وهو الباعثُ يوم القيامة الشَّقيَّ من ذرِّيَّته، والله أعلم](6).
          واشتُهِر في كتب التواريخ أنَّه عاش ألفَ سنةٍ، وجاء معناه في حديث مَرْفُوعٍ، وفي «تاريخ دمشق» في حديثٍ طويلٍ عن عائشة ♦ قالت: كان النَّبيُّ صلعم يقول: «أنا أشبهُ الناس بأبي آدم، وكان إبراهيم أشبهَ الناس بي خَلقًا وخُلقًا».
          وأمَّا اشتقاقه؛ فالكلام فيه معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام في صرفه وعدم صرفه في أوائل هذا التعليق [خ¦101].
          وفي «تاريخ ابن عساكر» أيضًا مرفوعًا: «أهل الجنَّة ليس لهم كنًى إلَّا آدم؛ يُكنى أبا مُحَمَّد»، وعن كعب: «ليس أحدٌ في الجنَّة له لحيةٌ إلَّا آدم»، وقيل: وموسى، ذكره الطَّبَريُّ، وقيل: هارون.
          وأمَّا مناقب آدم وفضائله؛ فكثيرةٌ صلعم(7)، وهو نبيٌّ مرسلٌ على الصحيح، وقيل: ليس بمرسلٍ، وسيأتي ذلك في (نوحٍ) قريبًا [خ¦3340].


[1] (ومُحَمَّد): سقط من (ب).
[2] في (ب): (وقد قال).
[3] في (ب): (الحجاب).
[4] في (ب): (إبراهيم)، والمثبت هو الصَّواب.
[5] في (ب): (◙).
[6] ما بين معقوفين جاء في (أ) في ورقة مفردة (/∟) مصحَّحًا عليه.
[7] في (ب): (◙).