التلقيح لفهم قارئ الصحيح

كتاب القدر

          ░░82▒▒ (كِتَابُ القَدَْرِ(1))... إلى (كِتَاب الأَيْمَانِ وَالنُّذُور)
          (القَدْر) و(القَدَر): ما يقدِّرُه الله ╡ من القضاء، وهو قَدر الله تعالى الذي يجب الإيمانُ به كلِّه؛ خيرِه وشرِّه، حُلوِه ومُرِّه، نفعِه وضَرِّه، ومذهبُ أهل الحقِّ إثباتُ القدر، والإيمانُ به كلِّه كما ذكرته، وقد جاء من النصوص القطعيَّات في القرآن العزيز والسُّنَن الصحيحة المشهورةِ في إثباته ما لا يُحصَى من الأدلَّة، وقد أكثر العلماءُ في إثباته من المصنَّفات، وذهبتِ القدريَّة إلى إنكاره، وأنَّ الأمرَ أُنُفٌ؛ أي: مستأنَفٌ لم يَسبق به علمُ الله، تعالى الله عن قولهم الباطلِ عُلُوًّا كبيرًا، وقد جاء في الحديث تسميتهم مجوسَ هذه الأمَّة؛ لكونهم جعلوا الأفعالَ لفاعِلِين، فزعموا أنَّ الله يخلقُ الخيرَ، وأنَّ العبدَ يخلق الشرَّ، جلَّ الله عن قولهم.
          قال إمام الحرمين وغيرُه من متكلِّمِي أصحابنا، وابنُ قُتَيْبَة من أهل اللغة: (اتَّفقنا نحن وهم على ذمِّ القَدرِيَّة، وهم يسمُّوننا قَدريَّة؛ لإثبات القَدر، ويموِّهون بذلك، وهذا جهلٌ منهم ومباهتةٌ، بل هم المسمَّون بذلك؛ لأوجهٍ؛ أحدها: النصوص الصريحة في القرآن والسُّنَّة المشهورة في إثبات القدر، والثاني: أنَّ الصَّحَابة فمَن بعدهم من السَّلَف لم يزالوا على الإيمان بالقدر، وإغلاظِ القول على مَن ينفيه، الثالث: أنَّا أثبتناه لله تعالى وهم يزعمونه لأنفسهم، وادَّعوا أنَّهم مخترعون لأفعالهم، فلم يتقدَّم بها علمٌ، فمَن أثبته لنفسه؛ كان بأن يُنسَبَ إليه أولى ممَّن نفاه عن نفسه وأثبتَه لغيرِه، وهذا الثالث هو جواب ابن قُتَيْبَة والإمامِ، والله أعلم).


[1] كذا في (أ) معًا، والدال في «اليونينيَّة» و(ق) مفتوحةٌ فقط.