التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: أحد يحبنا

          قوله: (بابٌ: «أُحُدٌ يُحِبُّنَا» قَالَهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم): هذا بعض حديث تَقَدَّم، وسيجيء في أيِّ مكان تَقَدَّم، وهو على ظاهره؛ إذ لا استحالة فيه، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (ولا يُلتَفت إلى تأويل من تأوَّله)، وقد سبق الكلام عليه في (الزكاة) [خ¦1481].
          قال السُّهيليُّ في «روضه»: (وللعلماء في معنى الحديث أقوالٌ؛ قيل: أراد أهله؛ وهم الأنصار، وقيل: أراد أنَّه كان يبشِّره إذا رآه عند القدوم من أسفاره بالقرب من أهله ولقائهم، وذلك فِعْلُ المُحبِّ، وقيل: بل حُبُّه حقيقةٌ، وُضِع الحُبُّ فيه كما وُضع التسبيح في الجبال المسبِّحة مع داود ◙، وكما وُضِعت الخشية في الحجارة التي قال الله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ}[البقرة:74]، وفي الآثار المسندة: أنَّ أُحُدًا يوم القيامة عند باب الجنَّة من داخلها، وفي بعضها: أنَّه ركنٌ لباب الجنَّة، كما ذكره ابن سلَّام في «تفسيره»، وفي المسند من طريق أبي عبس بن جبر، عن رسول الله صلعم قال: «أُحُدٌ يحبُّنا ونحبُّه، وهو على باب الجنَّة» قال: «وعير يبغضنا ونبغضه، وهو على باب من أبواب النار»، ويقوِّيه قوله ◙: «المرءُ مع مَن أحبَّ» مع قوله: «يحبُّنا ونحبُّه»، فناسبت هذه الآثار، وشدَّ بعضها بعضًا) إلى آخر كلامه، وفيه: أنَّ قبر هارون ◙ في أُحُد، وقد تَقَدَّم في أوَّل الغزوة ردُّه من عند ابن دحية الحافظ [خ¦64/17-5970]، والله أعلم. /
          فائدةٌ: روى الإمام أحمد في «مسنده» من حديث عقبة بن سويد الأنصاريِّ، عن أبيه _وكان من أصحاب النَّبيِّ صلعم_ قال: (قفَلنا مع النَّبيِّ صلعم من غزوة خيبر، فلمَّا بدا له أُحُد؛ قال: «هذا جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه»)، وهذا في «البُخاريِّ»، وسيأتي في هذا «الصحيح» أيضًا [خ¦4422] _وهو في «مسلم»_: أنَّه ◙ قاله لمَّا أقبل من غزوة تبوك، فقاله مرَّتين؛ مرجعَه من خيبر، ومرجعَه من تبوك، والله أعلم.
          قوله: (قَالَهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ): (عبَّاس): بالموحَّدة والسين المهملة، و(أَبُو حُمَيد) هذا: هو الساعديُّ _بضمِّ الحاء، وفتح الميم_ الأنصاريُّ، قيل: اسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر، وقيل: إنَّه ابن عمِّ سهل بن سعد، وقد تَقَدَّم الكلام عليه ☺ في (الزكاة) [خ¦24/43-2300] و(الحج) [خ¦1872] وغيرهما؛ فانظره إن أردته.