التلقيح لفهم قارئ الصحيح

كتاب الفتن

          ░░92▒▒ (كِتَابُ الفِتَنِ)... إلى (كِتَاب الأَحْكَامِ)
          فائدةٌ: روى الإمام أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل في «مسنده» حديثًا بإسناده إلى أبي الدرداء ☺ عن النَّبيِّ صلعم قال: «كلُّ شيءٍ ينقُصُ إلَّا الشَّرَّ؛ فإنَّه يُزادُ فيه»، فيه رجل مُبهَم مجهول، وقد روى زكريَّا بن يحيى الكِنانيُّ أبو يحيى عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر ☻ بخبرٍ باطلٍ، الإسنادُ إليه ظلماتٌ، ساقه الخطيبُ في «أصحاب مالك»، والمتن: «لا يزالُ الخيرُ في انتقاصٍ، والشَّرُّ في زيادةٍ»، ذكره الذَّهَبيُّ في ترجمة [أبي] يحيى هذا في «ميزانه».
          تنبيهٌ: الحديثُ المرويُّ بين الناس: «لا تَكرهوا الفِتن؛ فإنَّ فيها حصادَ المنافقين»، رأيتُ في سؤالٍ سُئِلَ عنه ابنُ تيمية أبو العَبَّاس ذكر فيه أحاديث؛ منها: «لا تَكرهوا الفتن؛ فإنَّ فيها حصادَ المنافقين»، قال فيه: (هذا ليس معروفًا عنه)، انتهى، وذكره شيخُنا الشارح في أوائل «شرح هذا الكتاب»، ثمَّ ذكر شيئًا، ثمَّ قال: (ففيه إِبطالٌ للحديث)، فذكر هذا الحديث، وقال في (كتاب الفتن) من «شرح هذا الكتاب» في (باب التَّعوُّذ من الفتن): (وهذا خلاف ما رُوِي عن بعض مَن قَصُرَ عِلمُه أنَّه قال: «اسألوا اللهَ الفتنةَ، فإنَّ فيها حصادَ المنافقين»، وزعم أنَّ ذاك مرويٌّ عن رسول الله صلعم وهو حديث لا يثبُت، والصَّحيحُ: خلافُه من روايةِ أنسٍ وغيرِه عن رسول الله صلعم، كما نبَّه عليه ابن بَطَّال)، انتهى.
          ثانيةٌ: اعلم أنَّ الذين قعدوا عنِ القتال في الفتن التي جرت بين الصَّحَابة مِنَ الصَّحَابة: مُحَمَّد ابن مَسْلَمة، وأبو بَكْرَةَ نُفَيع بن الحارث، وعبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، وأسامة بن زيد، وأبو ذرٍّ جُندب بن جُنادة _كذا عُدَّ فيهم، وفيه نظرٌ؛ لما سيأتي قريبًا جدًّا_ وحُذيفة بن اليماني، وعِمران بن الحُصَين، وأبو موسى الأشعريُّ، وأُهْبان بن صَيفيٍّ، وسعد بن أبي وقَّاص، وفي «البُخاريِّ»: (لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ؛ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ عمرو بن الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ، ولَمْ يَزَلْ بِهَا إلى قبل أَنْ(1) يَمُوتَ بِلَيَالٍ، فَنَزَلَ المَدِينَةَ»، فهذا يُعَدُّ أيضًا، وغيرُهم، ومِنَ التَّابعين: شُريح، والنَّخَعيُّ، وغيرُهما، وأبو ذرٍّ تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين قبل وقوع الفتن، فعَدُّه فيهم فيه نظرٌ، والله أعلم.
          ثالثةٌ: في كتاب «الجامع لأخلاق الرَّاوي والسَّامع» للخطيب: أنَّ ابنَ مَعِين قال: (هذه الأحاديث التي يحدِّثون بها في الفتن وفي الخلفاء: تكون وتكون...؛ كلُّها كَذِبٌ وريحٌ، لا يعلم هذا أحدٌ إلَّا بوحيٍ)، وقال الإمام أحمدُ: (ثلاثةُ كُتبٍ ليس لها أصل: المغازي، والملاحم، والتفسير)، قال شيخُنا: (وهو كما قال الخطيبُ محمولٌ على وجه أنَّ المراد: كتبٌ مخصوصةٌ غيرُ مُعتَمَدٍ عليها، وأمَّا كُتُبُ الملاحم؛ فجميعُها بهذه الصِّفة، وليس يصِحُّ في ذِكر الملاحم المرتقبةِ والفِتنِ المنتظرةِ غيرُ أحاديثَ يسيرةٍ)، انتهى.


[1] في (أ): (إلى)، والمثبت من «اليونينيَّة»، ويراجع الحديث ░7087▒.