التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما أصاب النبي من الجراح يوم أحد

          قوله: (بابُ مَا أَصَابَ النَّبِيَّ صلعم مِنَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ): (النَّبيَّ): منصوب مفعول، واعلم أنَّ ابن هشام ذكر في «سيرته» ما لفظه: (وذكر لي رُبَيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدريِّ، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريِّ: أنَّ عتبة بن أبي وقَّاص رمى رسولَ الله صلعم يومئذٍ _يعني: يوم أُحُد_ فكسر رَباعيَتَه اليمنى السُّفلى، وجرح شفتَه السُّفلى، وأنَّ عبد الله بن شهابٍ الزُّهريَّ شجَّه في وجهه، وأنَّ ابن قمئة جرح وجنته، فدخلت حلقتان من المِغفر في وجنته)، انتهى.
          وذكر شيخنا في هذه الغزوة: (وذكر ابن هشام: أنَّ عبد الله بن شهاب الزُّهريَّ جدَّ محمَّد بن مسلم الزُّهريِّ شجَّ رسولَ الله صلعم في جبهته(1)، وهو غريبٌ)، انتهى.
          وقد تَقَدَّم الكلام في إسلام عتبة بن أبي وقَّاص، وأنَّ الصحيح أنَّه لم يسلم [خ¦2745]، وقدَّمتُ أنَّ في «المستدرك»: أنَّه قتله حاطب بن أبي بلتعة يوم أُحُد، وأنَّه جاء برأسه وسيفه إلى رسول الله صلعم.
          وتَقَدَّم الكلام على عبد الله بن شهاب الزُّهريِّ، وأنَّه أسلم، وتَقَدَّم أنَّ ابن قمئة _واسمه عبد الله_ نطحه تيس، فتردَّى من شاهق [خ¦2903]، وقد ذكر ابن بشكوال في «مبهماته»: (سهل بن سعد ☺ أنَّه سئل عن جرح رسول الله صلعم يوم أُحُد، فقال: «جُرح رسول الله صلعم»)، وفيه: (الذي جرح النَّبيَّ صلعم وكسر رَباعيَتَه اختلف فيه؛ ففي «تفسير عبد الرزاق» _فذكره بسنده إلى مِقْسَم_ قال: «إنَّ النَّبيَّ صلعم دعا على عتبة بن أبي وقَّاص حين كسر رَباعيَتَه ودمَّى وجهه»، وكذا قال معمر عن قتادة، قال عبد الرزاق: وأخبرنا ابن جُرَيج، عن إبراهيم بن ميسرة، عن يعقوب بن عاصم قال: «الذي دمَّى وجهَ رسول الله صلعم رجلٌ من هذيل يقال له: عبد الله بن القمئة، فكان حتفه أن سلَّط الله عليه تيسًا ينطحه حتَّى قتله»)، انتهى، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق عن ابن سعد أنَّ الذي شجَّه وأصاب رَباعيَتَه عتبةُ بن أبي وقَّاص [خ¦243]، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أعلاه من فعل ذلك به.
          تنبيهٌ: الحلْقتان اللتان دخلتا في وجنة النَّبيِّ صلعم نزعهما أبو عُبيدة ابن الجرَّاح، فنزع الحلْقة الأولى، فسقطتْ ثنيَّتُه، ثُمَّ نزع الثانية، فسقطت ثنيَّتُه الأخرى، فكان ساقط الثنيتين؛ ذكره ابن سيِّد الناس في «سيرته» عن عيسى بن طلحة، عن عائشة، عن أبي بكر الصِّدِّيق: (أنَّ أبا عبيدة...)؛ فذكره.
          وقد ذكر ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة عقبة بن وهب بن كلدة الغطفانيِّ ما لفظه: (قيل: إنَّ عقبة بن وهب هذا هو الذي نزع الحلْقتين من وجنتي رسول الله صلعم يوم أُحُد، ويقال: بل أبو عُبيدة ابن الجرَّاح، قال الواقديُّ: «قال عبد الرحمن بن أبي الزِّناد: إنَّهما جميعًا عالجاهما وأخرجاهما من وجنتي رسول الله صلعم»)، انتهى، وسيأتي قريبًا جميع ما أصابه يوم أُحُد صلعم.


[1] في (أ): (جهته) وفوقها (كذا)، والمثبت من مصدره، وهو الصواب.