التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب حديث الإفك

          قوله: (حَدِيثُِ الإِفْكِ وَالأَفَكِ؛ بِمَنْزِلَةِ النِّجْشِ وَالنَّجَشِ): (الإِفْك) الأوَّل؛ بكسر الهمزة وسكون الفاء، والثاني: بفتحهما، و(النَّجْشُ والنَّجَش)؛ بالشين المعجمة فيهما، وزان (الإِفْك، والأَفَك)، كذا في أصلنا بإعجام الشين فيهما في الموضعين، وكذا هو مجوَّد في نسخة أخرى بخطِّ شيخنا أبي جعفر، وأمَّا شيخنا الشارح؛ فإنَّه قال: (قال الهرويُّ: «النَّجَس: كلُّ شيءٍ يُستقذر، فإذا قلت: رِجْس نِجْس؛ كسرت النون، وأسكنت الجيم»، وقال ابن عُديس: «على الإتباع...») إلى أن قال: (وعبارة ابن فارس: شيء نِجْس ونَجَس؛ مثل ما في الأصل)، انتهى، وكذا قال بعضُهم، والظَّاهر: أنَّه أخذه من شيخنا، وهذا التفسير منه صريح في أنَّ السين مهملة، وهو مخالفٌ لما في أصلنا، ولم يتعرَّض لضبطه ابنُ قُرقُول ولا القاضي عياض، وأمَّا ضبطُ (النجس) الذي هو بالإهمال؛ فقد قال الجوهريُّ: (نَجِسٌ، ونَجَسٌ، قال الفرَّاء: «إذا قالوه مع الرِّجس؛ أتبعوه إياه، فقال: رِجْسٌ نِجْس»)، وقد راجعتُ بعض أصولنا الدِّمَشْقيَّة فوجدتهما فيها بالإهمال بالقلم، كما ضبطه شيخنا في كلامِه، والله أعلم.
          قوله: (يُقَال: إِفْكُهُمْ وأَفَكُهُمْ): الأوَّل بكسر الهمزة وإسكان الفاء، والثاني بفتحهما، وهما اسمان لا فِعْلان، قال الجوهريُّ: («الإِفْك»: الكذب...) إلى أن قال: («والأَفْك»؛ بالفتح مصدر قولك: أَفَكَه يأفِكُه أَفْكًا؛ أي: قَلَبَهُ وصَرَفَه عنِ الشيء)، انتهى، وقال ابن فارس: (أَفَك؛ إذا كَذَب، إِفْكًا، وأفكتُه: صرفتُه، أَفَكًا)؛ يعني: بفتح الهمزة والفاء، وهذا يؤيِّدُ ما قاله البُخاريُّ، قال شيخنا: (وقال ابن عُديس في «باهره»: «الأَفْك»؛ بفتح الهمزة وسكون الفاء، وحُكِيَ كسرها، مصدر قولك: أَفَكَ الرجلُ يأفِكُ أَفكًا؛ إذا كَذَبَ، وبكسر الهمزة: الكذب»)، انتهى، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر: (أَفَكَهُم، وأَفِكَهُم): على أنَّهما فعلان ماضيان؛ أحدهما مفتوح الفاء، والآخر مكسورُها، ويؤيِّدُ ما ضبطه تفسيرُ البُخاريِّ المفتوحَ الفاء بـ(صَرَفَهم)، ومكسورَها كما في بعض النسخ بـ(كذَبَهم)؛ ماضٍ أيضًا، والله أعلم.