التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر

          (كِتَابُ النَّبِيِّ صلعم إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ)... إلى (بابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلعم) اعلم أنَّه لم يَذكر مِن كتبه صلعم إلَّا إلى هذين الاثنين، ولم يَذكر في كتابه إلى قيصر حديثًا، وكأنَّه اكتفى بذكره له في غير هذا الموضع؛ لأنَّه تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ [خ¦2936] [خ¦2940]، ويأتي أيضًا [خ¦4424]، وقد كتب ◙ إلى كلِّ جبَّارٍ عنيد، كما في «مسلم»، وقال السهيليُّ في «روضه» في حديث الإسراء: (وكُتِب عنه بالقلم إلى جميع ملوك الأرض...) إلى آخر كلامه، انتهى.
          فبعث دحيةَ الكلبيَّ إلى قيصر الروم، وعبدَ الله بن حُذافة إلى كِسرى، وعمرَو بن أُمَيَّة / الضمريَّ إلى النجاشيِّ ملكِ الحبشة، وحاطبَ بن أبي بَلْتعة إلى المُقَوقِس صاحب الإسكندريَّة، وعَمرَو بن العاصي إلى جيفر وعبْدٍ ابنَي الجُلندَى ملكَي عُمان، وسَلِيطَ بن عمرو العامريَّ إلى ثُمَامة بن أُثَال وهوذة بن عليٍّ الحنفيَّين ملكَي اليمامة، والعلاءَ بن الحضرميِّ إلى المنذر بن ساوى العبديِّ ملكِ البَحْرين، وشجاعَ بن وهب الأسديَّ إلى الحارث بن أبي شَمِر الغسَّانيِّ ملكِ تُخوم الشام، ويقال: بعثه إلى جَبَلة بن الأيهم الغسَّانيِّ، والمهاجرَ بن أبي أُمَيَّة المخزوميَّ إلى الحارث بن عبد كُلال الحميريِّ ملكِ اليمن، وقد ذكر هذا كلَّه أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس.
          وزاد عليه شيخنا العراقيُّ في «سيرته» في رسله إلى الملوك، فذكر: عمرَو بن أُمَيَّة إلى النجاشيِّ، ودحيةَ بن خليفة لقيصر، وعبدَ الله بن حُذافة لكِسرى، وحاطبَ بن أبي بَلْتعة للمُقَوقِس، وعمرَو بن العاصي إلى ابنَي الجُلَنْدَى، وسَلِيطَ بن عمرو لهوذة، وشجاعًا الأسديَّ للحارث بن أبي شَمِر، وقيل: إلى جَبَلة بن الأيهم، والمهاجرَ بن أبي أُمَيَّة للحارث بن عبد كُلال، والعلاءَ بن الحضرميِّ للمنذر بن ساوى، ومعاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وجَرِيرًا إلى ذي الكَلَاع، وعَمرًا الضمريَّ أيضًا إلى مسيلِمة، والسائبَ إليه أيضًا، وعيَّاشًا إلى بني عبد كُلال، فزاد شيخنا: معاذًا، وأبا موسى، وجَرِيرًا، وعمرًا الضمريَّ إلى مسيلِمة، والسائبَ إليه أيضًا، وعيَّاشًا.
          ثُمَّ قال شيخنا العراقيُّ: (وأرسل أيضًا لعدَّة، ولم يُسمَّ مَن ذهب بها، فذكر أنَّه أرسل لعروة ابن عمرو الجذاميِّ، ولبني عمرو من حمير، ولمعد يكرب المشهور، ولأساقفة نَجْران، ولمن أسلم من حَدَس، ولخالد بن ضِماد الأزديِّ، ولعمرو بن حزم، ولتميم أخي أوس، وليزيد بن الطُّفيل الحارثيِّ، ولبني زياد بن الحارث، والله أعلم، والظاهر أنَّ هذه الرسل إنَّما أرسلهم بكتب، والله أعلم، وقد ذكر ابن سيِّد النَّاس بعضَ هذه الكتب إلى الملوك، وصورةَ ما كتب به إليهم، فإن أردت ذلك؛ فانظره.
          قوله: (إِلَى كَـِسْرَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الكاف وفتحها [خ¦64]، واسم كسرى المكتوب إليه: أَبْرَوِيْز بن هرمز، كذا سمَّاه غير واحد؛ منهم السهيليُّ، ولفظه: (كسرى؛ وهو أَبْرَوِيز بن هرمز بن أنوشروان الذي كتب إليه النَّبيُّ صلعم ليلة الثلاثاء، العاشر من جمادى الأولى، سنة سبع من الهجرة، قتله بنوه، والمتولِّي لقتله شيرويه)، انتهى.
          وتفسير أَبْرَوِيْز: المُظفَّر، نقله البكريُّ عن المسعوديِّ والطبريِّ، ابن أنوشروان، وتفسير أنوشروان بالعربيَّة: مجدِّد الملك، فيما ذكروا، قاله السهيليُّ.
          و(قيصر): تَقَدَّم الكلام عليه [خ¦7]، والكتاب الذي كتبه ◙ إلى قيصر ذكره البُخاريُّ في أوَّل «الصحيح» [خ¦7]، وكرَّره، وكان بعث هذا الكتاب سنة ستٍّ، قاله أبو عمر، وقال خليفة: سنة خمس، وفيه نظر؛ لأنَّ صلح الحُدَيْبيَة كان في السادسة، وسيأتي كلام الواقديِّ؛ وهو أنَّه لقيه بحمص، فدفع إليه الكتاب في المحرَّم سنة سبع، وقال السهيليُّ في «روضه»: (إنَّه ◙ كتب له من تبوك)، وفيه نظر إلَّا أن يقال: إنَّه كتب إليه مرَّتين.
          تنبيهٌ: في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: (لمَّا كان شهر ربيع الأوَّل _وقيل: المحرَّم_ سنة سبع من الهجرة؛ كتب رسول الله صلعم إلى النجاشيِّ كتابًا يدعوه فيه إلى الإسلام، وبعث به مع عَمرو بن أُمَيَّة)، كذا في (هجرة الحبشة)، والله أعلم.