التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب وفد بني تميم

          قوله: (وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ): من هنا بدأ الإمام البُخاريُّ بالوفود، و(الوفد): جمع وافد؛ كزائرٍ وزَوْرٍ؛ وهم القوم يأتون الملوك ركبانًا، وقد وَفَدَ وَفْدًا ووِفادةً، ثُمَّ سُمِّي القوم بالفعل.
          تنبيهٌ: ذكر الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ من الوفود ما صحَّ عنده على شرطه، وقد عدَّدوا وفودًا كثيرة، ومن أجمع ما رأيته فيهم كلام الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخنا في «سيرته الصغرى»، وقد ذكر غالبَهم الحافظ فتح الدين ابن سيِّد النَّاس وشيخُنا الحافظ زين الدين العراقيُّ في «سيرته» التي نظمها بضعًا وستِّين، ولفظ مغلطاي: (وَفَدَ عليه وفد ثقيف، وتتابعت الوفود، فوَفَد عليه: وفد تميم، وعبس، وفَزارة، ومُرَّة، وثَعلبة، ومُحارب، وسعد بن بكر، وكِلاب، ورُؤاس، وعُقَيل، ولَقِيط، وجَعْدة، وقُشَير، والبكَّاء، وكنانة، وعبد بن عَدِيٍّ، وباهِلة، وأشجَع، وسُلَيم، وهلال بن عامر، وقدر _بالراء_ ابن عمَّار _كذا رأيته في نسخة صحيحة قُرِئت على المؤلِّف، وعليها خطُّه، وقد نظمه شيخنا العراقيُّ: وقدد؛ بالدال المهملة في آخره_، وعامر بن صَعصَعة، وعبد القيس، وبكر بن وائل، وتَغلِب، وحنيفة، وطيِّئ، وتُجِيب، وخَولان، وجُعف، ومُراد، وزُبَيد، وكِنْدة، والصَّدِف، وخُشين، وسعد هُذيم، وبَلِيٍّ، وبَهراء، وعُذْرة، وسَلامان، وجُهينة، وكلب، وجَرْم، والأسد، وغسَّان، والحارث بن كعب، وهَمْدان، وسعد العَشِيرة، وعَنْس، والدَّار، والرَّهَا، وغامد، والنَّخَع، وبَجيلة، وخَثعم، وحضرموت، وأَزْد، وعُمان(1)، وغافِق، وبارق، ودَوْس، وثُمالة، والحُدَّان، وأسلم، وجُذام، ومُهْرة، وحِمْيَر، ونَجران، وجيشان، ومن الوحش: السباع والذئاب)، انتهى، وهذا اثنان وسبعون وفدًا، وقد قال شيخنا العراقيُّ في «سيرته» لمَّا نظم الوفود [من الرجز]:
وَفْدُ السِّبَاعِ وَالذِّئَابِ ذُكِرَا                     فِي غَابَةٍ وَغَيْرِهَا وَاسْتُنْكِرَا
          تنبيهٌ: وفد الذئاب هو في «سنن الدارميِّ» في أوائله بإسناد صحيح، غير أنَّ الصحابيَّ راويَه مجهولٌ، ولا يضرُّ الجهل بعين الصَّحابة؛ لأنَّهم كلَّهم عدولٌ على الصحيح، والله أعلم.
          واعلم أنَّه ◙ بعث عُيينة بن حِصن الفزاريَّ إلى بني تميم، وكانوا فيما بين السُّقيا وأرض بني تميم، وذلك في المحرَّم سنة تسع في خمسين راكبًا من العرب ليس فيهم مهاجريٌّ ولا أنصاريٌّ، فلمَّا رأَوا الجمع؛ ولَّوا، وأخذ منهم أحد عشر رجلًا، ووجدوا في المَحلَّة إحدى وعشرين امرأة وثلاثين صبيًا، فجلبهم إلى المدينة، وأمَر بهم ◙، فحبسوا في دار رملة بنت الحارث، فقدم فيهم عِدَّةٌ من رؤسائهم: عطاردُ بن حاجب، والزِّبْرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، والأقرع بن حابس، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، وعمرو بن الأهتم، ورِياح بن الحارث بن مجاشع، وقصَّتهم معروفة، فإن أردتها؛ فانظر من «سيرة ابن سيِّد النَّاس» أو غيرها.


[1] كذا في (أ): بالواو بين (أزد) و(عمان)، وفي المطبوع من مصدره: (أزد عمان).