التلقيح لفهم قارئ الصحيح

كتاب المرضى

          ░░75▒▒ (كِتَابُ المَرْضَى)... إلى (كِتَاب الطِّبِّ)
          ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجه مطابقة التَّرجمة للآية _يعني: قوله تعالى: {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}[النساء:123]_ التَّنبيهُ على أنَّ المرض كما يكون مُكَفِّرًا للخطايا فقد يكون جزاءً لها، والمعنى في تعجيل جزائه بالمرض وتكفيرِ سيِّئاته متقاربٌ، والله أعلم)، انتهى، وقد رأيت في «مستدرك الحاكم» في ترجمة عبد الله بن الزُّبَير عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: سمعتُ رسولَ الله صلعم يقول: «مَن يعملْ سوءًا؛ يُجْزَ به في الدنيا»، لم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه».
          قال الإمام العلَّامة عزُّ الدين عبدُ العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ في «قواعده»: (قوله ◙: «مَن عزَّى مصابًا؛ فله مثلُ أجره» _أي: أجر صبره_ قال: وظنَّ بعضُ الجهلة أنَّ المصابَ مأجورٌ على مصيبته، وهو خطأ صريحٌ، فإنَّ الثواب والعقاب إنَّما هو على الكسب بمباشرةٍ أو سببٍ، قال تعالى: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل:90]، والمصائب ليست منها، بل إنْ صَبَرَ؛ فله أجرُ الصابرين، وإنْ رَضِيَ؛ فله أجر الراضين)، وخالف القرافيُّ فقال: (المصائب كفَّاراتٌ لأهلها جزمًا، سواء اقترن بها السَّخَط وعدمُ الصبر أم لا، غير أنَّها إن اقترن بها السَّخَط؛ يقلُّ التكفير بها، وإن اقترن بها الصبرُ؛ عَظُمَ التكفيرُ بها، قال: [لا] يجوز أن يُقال للمصاب: جعل الله لك هذه المصيبةَ كفَّارةً لذنبك؛ لأنَّ الشارع قد أخبر أنَّها مكفِّرةُ الذنوب، فسؤالُ التكفير طلبٌ لتحصيل الحاصل وإساءةُ الأدب مع الشرع، وإنَّما يُقال: أعظم الله أجرك، فإنَّ تعظيمَه غيرُ معلوم من جهة الشرع، بخلاف أصل التكفير، وقال أيضًا: الأجر من آثار العمل، والتكفير قد يكون بالعمل، وقد يكون بغيره؛ كالمصائب، فإنَّها ليست مكتسبةً)، انتهى، وما قاله ابن عبد السلام فيه نظرٌ، والحديث يردُّ عليه: «ما يصيب المسلم مِن نصب، ولا وَصَبٍ، ولا همٍّ، ولا حزن، حتَّى الشوكة يشاكها إلَّا كفَّر الله بها من سيِّئاته».