عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
  
              

          ░140▒ (ص) بابٌ: إِذَا رَمَى الْجَمْرَتينِ يَقُومُ وَيُسْهِلُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكَرُ فيه: إذا رمى الجمَرَّتينِ؛ وهما الجمرةُ الأولى والثانيةُ غير جمرةِ العقبة.
          قوله: (يَقُومُ) أي: يقف عندَهما طويلًا، واختلفوا في مقدارِ ما يقف عند الجمرة الأولى؛ فكان ابن مسعود يقف عندها قدر قراءة سورة البقرة مَرَّتينِ، وعن ابنِ عمر: [كان يقفُ قَدْرَ قراءة سورةِ البقرة عند الجمرَتينِ، وعن أبي مِجْلَزٍ قال: كان ابنُ عمر] يشبِّرُ ظلَّه ثلاثةَ أشبارٍ، / ثُمَّ يرمي، وقام عند الجمرَتينِ قدرَ قراءةِ سورة يوسف، وكان ابنُ عَبَّاس ☻ يقفُ بقدرِ قراءةِ سورةٍ مِنَ المئين، ولا توقيفَ في ذلك عند العلماء، وإِنَّما هو ذكرٌ ودعاءٌ، فإن لم يقف ولم يَدْعُ، فلا حرجَ عليه عندَ أكثر العلماء إلَّا الثَّوْريَّ، فَإِنَّهُ استحبَّ أن يطعم شيئًا أو يهريق دمًا.
          قوله: (وَيُسْهِلُ) بِضَمِّ الياء آخرَ الحروف وسكون السين المُهْمَلة؛ أي: يقصدُ السَّهْلَ مِنَ الأرض، وهو المكان المصطحب الذي لا ارتفاعَ فيه.
          قوله: (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) كلامٌ إضافيٌّ وقع حالًا.
          وقال الكَرْمَانِيُّ: «يُسهِلُ» أي: ينزِلَ إلى السهل مِن بطن الوادي، يقال: أسهلَ القومُ؛ إذا نزلوا عنِ الجبلِ إلى السهل.