-
خطبة الشارح
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب صفة الصلاة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء؟
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع على عهد النبي
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارا أو ليلا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرا أو شيئا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على الوضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج إلى منى
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة يوم عرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب متى يصلي الفجر بجمع؟
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلده
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب من نحر بيده
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
كتاب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
كتاب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░103▒ (ص) بابُ رُكُوبِ الْبُدْنِ.
[لِقَوْلِهِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}].
(ش) أي: هذا بابٌ في جوازِ ركوب البُدْنِ، واستدلَّ على ذلك بقوله تعالى: ({وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم...}) إلى آخره، وهاتان الآيتان مذكورتان بتمامِهما في رواية كريمةَ، وفي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت المذكور منهما مِن قوله: <{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم} إلى قوله: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}> ثُمَّ المذكور بعد: <{جُنُوبُهَا} إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}>.
وموضعُ الاستدلال في جواز ركوب البُدْنِ في قوله: ({لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}) يعني: مِنَ الركوب والحَلْبِ؛ لِما روى ابن أبي حاتم وغيره بإسناد جَيِّد عن إبراهيمَ النَّخَعِيِّ: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} مَن شاءَ رَكِبَ، ومن شاءَ حَلَبَ، وفي «تفسير النَّسَفِيِّ» في قوله: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}: مَن احتاج إلى ظهرِها رَكِبَ، ومَنِ احتاجَ إلى لبنها شرِبَ، وقيل: في البُدْنِ خيرٌ؛ وهو النفعُ في الدنيا والأجرُ في الآخرة، ومِن شأن الحاجِّ أن يحرص على شيء فيه خيرٌ ومنافعُ، وعن بعض السلف: أنَّهُ لم يملك إلَّا تسعةَ دنانيرَ، فاشترى بها بَدَنَةً، فقيل له في ذلك، فقالَ: «إنِّي سمعتُ ربِّي يقول: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}».
قوله: ({وَالْبُدْنَ}) بِضَمِّ الباء، جمع (بَدَنةٍ) سُمِّيت لِعِظَمِ بَدَنِها، وهي الإبلُ العِظامُ الضِّخامُ الأجسام، وهي مِنَ الإبل خاصَّةً، وقُرِئَ: {وَالْبُدُنَ} بضمَّتين؛ كـ(ثُمُرٍ) في جمعِ (ثَمَرة)، وعن ابنِ أبي إسحاق: بالضَّمَّتين وتشديد النون، على لفظ الوقفِ، وقرئ: {البُدْنَ} بالرَّفع والنصب؛ كما في قوله: {وَالْقَمَرَُ قَدَّرْنَاهُ}[يس:39].
قوله: ({مِن شَعَائِرِ اللهِ}) أي: مِن أعلام الشَّريعة التي شَرَعها، وأضافها إلى اسمه تعظيمًا لها.
قوله: ({لَكُمْ فِيهَا}) أي: في البُدْنِ.
قوله: ({فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا}) عن ابن عَبَّاس ☻: ذكرُ اسمِ الله عليها أن تقول عند النحر: الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، اللَّهمَّ منك وإليك.
قوله: ({صَوَافَّ}) أي: قائماتٍ قد صَفَفْنَ أيديَهنَّ وأرجُلَهُنَّ، وقيل: أي: قيامًا على ثلاثةِ قوائمَ، قد صَفَّت رِجْلَيها وإحدى يَدَيها ويدُها اليسرى معقولةٌ، وقُرِئَ: {صَوَافِنَ} مِن صُفُونِ الفَرَس؛ وهو أن يقومَ على ثلاثٍ وينصبَ الرابعةَ على طرف سُنْبكِهِ؛ لأنَّ البَدَنَةَ تعقل إحدى يديها، فتقوم على ثلاثٍ، وقرئ: {صوافيَ} أي: خوالصَ لوجهِ الله تعالى، وعن عَمْرو بن عُبَيد: {صَوافًّا} بالتنوين عوضًا عَن حرفِ الإطلاق عندَ الوقف، وعن بعضهم: {صوافْ} نحو مَثَلِ العرب: (أعطِ القوسَ باريْها) بسكون الياء.
قوله: ({فَإِذَا وَجَبَتْ}) قال الزَّمَخْشَريُّ: وجوبُ الجُنُوب: وقوعها على الأرض، مِن وَجَبَ الحائط وجوبًا؛ إذا سقط، ووجبتِ الشمسُ جِبَةً: غربت، والمعنى: فإذا وَجَبَتْ / جُنُوبُها، وسكنت بسائِسُها؛ حُلَّ الأكلُ منها والإطعامُ، وسيأتي تفسير ({القَانِعَ والمُعتَرَّ}).
قوله: ({كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ}) هذا منٌّ مِنَ اللهِ تعالى على عباده؛ بأن سخَّرَ لهم البُدْنَ مثل التسخير الذي رأَوا وعلموا، يأخذونها منقادةً للآخذ طَيِّعَةً، فيعقلونها، ويحبسونها صافَّة قوائمَها، ثُمَّ يطعنون في لُبَّاتها، ولولا تسخيرُ اللهِ؛ لم تُطِقْ.
قوله: ({لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا}) وذلك أنَّ أهل الجاهليَّة كانوا إذا نحروا البُدْنَ لطَّخوا حيطانَ الكعبةِ بدمائها، فهمَّ المسلمون مثل ذلك، فأنزل الله تعالى: {لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا...} أي: لن يصلَ إلى الله لحومُها المُتصدَّقُ بها ولا الدماءُ المهراقةُ بالنَّحر، ({وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ}) والمعنى: لن يرضيَ المضحُّون والمقرَّبون ربَّهم إلَّا بمراعاةِ النِّيَّةِ والإخلاص، والاحتفاظ بشروط التَّقوى.
قوله: ({كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ}) أي: سخَّر البُدْنَ، وكرَّر تذكير النعمة بالتَّسخير، ثُمَّ قال: ({لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}) يعني: على هدايته إيَّاكم لإعلامِ دينِه ومناسكِ حجِّه؛ بأن تُكبِّروا وتُهلِّلوا، وضُمِّنَ (التَّكبيرُ) معنى (الشكرِ)، وعُدِّي تعديتَه.
قوله: ({وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}) الخطاب للنبيِّ صلعم ، أمره بأن يبشِّرَ المحسنين الذين يعبدون الله كأنَّهم يرونَه، فإن لم يرَوه؛ فَإِنَّهُ يراهم بقبوله، وقيل: بالجنَّة.
(ص) قال مجاهِدٌ: سُمِّيَتِ الْبُدْنَ لِبُدْنِها.
(ش) بِضَمِّ الباء وسكون الدال في روايةِ بعضهم، وفي رواية الأكثرين بفتح الباء وفتح الدال، وفي رواية الكُشْميهَنيِّ: <لبدانتها> أي: لضخامتها، وأخرج عبد بن حُمَيد من طريق ابن أبي نَجِيح عن مجاهد قال: إِنَّما سُمِّيت البدنَ مِن قِبَلِ السمانة، وقال الجَوْهَريُّ: البدنة: ناقةٌ تُنحَرُ بِمَكَّةَ، سُمِّيَت بذلك لأنَّهم كانوا يسمِّنونها، والبَدْنُ: التسمينُ والاكتناز، وبدُنَ؛ إذا ضخُمَ، وبدَّن _بالتَّشديد_ إذا أسنَّ، وقد ذكرنا عن قريب أنَّ البدنَ مِنَ الإبل خاصَّة، وقال الداوديُّ: قيل: إنَّ البدنة تكون مِنَ البقر، وهذا نقل عن الخليل.
(ص) والْقانِعُ: السَّائلُ، والْمُعْتَرُّ: الَّذِي يعْتَرُّ بالبُدْنِ مِنْ غَنِيٍّ أو فَقِيرٍ.
(ش) هذا مِن كلام البُخَاريِّ، وكذا قال ابنُ عَبَّاس وسعيدُ بن المُسَيَِّبِ والحسن البِصْريُّ، (الْقانِعُ) السَّائلُ، [و(المُعْتَرُّ) الذي يتعرَّض ولا يسأل، وقال مالك: أحسنُ ما سمعت فيه أنَّ «القانعَ» الفقيرُ، و«المعترُّ» الدَّائرُ، وقيل: «القانعُ» السائل الذي لا] يقنَعُ بالقليل، [وفي «الموعَب» قال أبو زيدٍ: «القانعُ» هو المتعرِّض لِما في أيدي النَّاس، وهو ذمٌّ له، وهو الطَّمعُ]، وقال صاحب «العين»: «القُنوع» الذلَّة للمسألِة، وقال إبراهيم: قنع إليه: مالَ وخضَعَ، وهو السائل، و«المعترُّ» الذي يتعرَّض ولا يسأل، وقال الزجَّاج: «القانع» الذي يقنع بما يعطاه، وقيل: الذي يقنع باليسير، وقال قُطرُب: كان الحسنُ يقول: هو السائل الذي يقنع بما أوتيه، ويصير القانع مِن معنى القناعة والرِّضا، وقال الطوسيُّ: قنَعَ يقنَعُ قنوعًا؛ إذا سأل وتكفَّف، وقنِع يقنَعُ قناعةً؛ إذا رضي.
قُلْت: الأَوَّل مِن (بابِ فتَح يفتَح)، والثاني مِن (باب علِم يعلَم)، قال إسماعيل: وقالوا: رجل قُنْعَان _بِضَمِّ القاف_ يرضى باليسير، وقال صاحب «العين»: «القانعُ» خادم القوم وأجيرُهم، وقرأ الحسن: {والمُعتَري}، ومعناه مثل {المُعْتَرِّ}، يقال: اعترَّه واعتراه وعرَّه وعَرَاه؛ إذا تعرَّض لِما عنده أو طلبَه، وأخرج ابنُ أبي حاتمٍ مِن طريق سفيان بن عُيَيْنَةَ عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهدٍ قال: («القانع» هو الطامع، وقال مَرَّةً: هو السائل)، ومِن طريق الثَّوْريِّ عن فُرات عن سعيد بن جُبَير: («المعترُّ» الذي يعتريك؛ يزورك ولا يسألك)، ومن طريق ابن جُرَيْج عن مجاهد: (الْمُعْتَرُّ: الذي يعْتَرُّ بالبُدْنِ مِنْ غَنِيٍّ أو فَقِيرٍ) يعني: يطيفُ بها متعرِّضًا لها، وهذا الذي ذكره البُخَاريُّ مُعلَّقًا.
(ص) وَ(شَعَائِرُ) : اسْتِعْظَامُ البُدْنِ واسْتِحْسَانُهَا.
(ش) أشارَ به إلى ما في الآية المذكورة مِن شعائر الله، وأخرجه عبدُ بنُ حُمَيدٍ من طريق ورقاءَ عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهدٍ في قوله: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ}[الحج:32] قال: (اسْتِعْظَامُ البُدْنِ: اسْتِحْسَانُهَا) واستسمانها، ورواه ابن أبي شَيْبَةَ مِن وجه آخر عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهدٍ، عن ابن عَبَّاس نحوه.
(ص) والْعَتِيقُ: عِتْقُهُ مِنَ الجَبَابِرَةِ.
(ش) أشارَ به إلى ما ذكرَ قبلَ الآيتين المذكورتَين مِن قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج:29] وفسَّرَ (الْعَتِيق) / بقوله: (عِتْقُهُ مِنَ الجَبَابِرَةِ)، وعن قتادة: (أُعتق مِنَ الجبابرة، فكم جبَّارٍ سارَ إليه ليهدمه فمنعه الله!)، وعن مجاهد: (أُعتقَ مِنَ الغرق)، وأخرجَ عبدُ بنُ حُميد من طريق سفيانَ عن ابنِ أبي نَجِيحٍ عن مجاهد قال: (إِنَّما سُمِّيَ العتيق لأنَّه أعتق مِنَ الجبابرة)، وقيل: سُمِّيَ العتيقَ لِقِدَمِه، وقيل: لأنَّه لم يُملَك قطُّ.
(ص) ويُقَالُ: {وجَبَتْ}[الحج:36] سَقَطَتْ إلَى الأرْضِ، ومِنْهُ: وجَبَتِ الشَّمْسُ.
(ش) أشار به إلى تفسيرِ ما ذكر في الآيةِ المذكورة مِن قوله: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}، وهكذا رواه ابن أبي حاتم مِن طريق مقسم عن ابن عَبَّاس قالَ: {فَإِذَا وَجَبَتْ} أي: سقطت، وكذا أخرجه الطَّبَريُّ مِن طريقَين عن مجاهد.
قوله: (وَمِنْهُ) أي: ومِنَ معنى المذكور قولهم: (وجَبَتِ الشَّمْسُ) إذا سقَطَت للغروب.