عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب سقاية الحاج
  
              

          ░75▒ (ص) باب سِقَايَةِ الْحَاجِّ.
          (ش) أي: هذا باب في ذكر سقاية الحاجِّ، [و(السِّقَايَةُ) _بكسر السين_ ما يُبْنَى للماء، وأَمَّا (السِّقاية) الَّتِي في قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ}[التوبة:19]]، فهو مصدر، وَالَّتِي في قوله تعالى: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}[يُوسُف:70]: مَشربة الملك، وقَالَ الجَوْهَريُّ: هي الصُّواع الَّذِي كان الملك يشرب فيه، وقَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: {سِقاية الحاجِّ}: ما كانت قريش تسقيه الحاجَّ مِنَ الزَّبِيب المنبوذ في الماء، وكان يَليَها عَبَّاسُ بن عَبْد الْمُطَّلِبِ في الجاهليَّة والإِسْلَام، وقال الفاكهيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد: حَدَّثَنَا الْحَسَن بن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء قال: {سقاية الحاجِّ}: زمزم، وقال الأزرقيُّ: كان عبد مناف يحمل الماء في الرَّوايا والقِرَب إلى مَكَّة ويَسْكُبه في حِياض من أَدَمٍ بفناء الكعبة للحاجِّ، ثُمَّ فعله ابنه هاشم بعده، ثُمَّ عَبْد الْمُطَّلِبِ، فلمَّا حُفِر زمزم كان يشتري الزَّبِيب فينبذه في ماء زمزم، ويسقي الناس، وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لمَّا وُلِّي قصيُّ بن كلاب أمر الكعبة كان إليه الحِجابة، والسِّقاية، واللواء، والوفادة، ودار الندوة، ثُمَّ تَصَالَحَ بَنُوه على أنَّ لعبد مناف السِّقاية والوِفادة، والبقيَّة للآخرين، ثُمَّ ذكر نحو ما تَقَدَّمَ، قال: ثُمَّ وُلِّي السِّقاية مِن بعدِ عَبْد الْمُطَّلِبِ ولدُه الْعَبَّاس، وهو يومئذٍ مِن أحدث إخوته سنًّا، فلم تزل بيده حَتَّى قام الإِسْلَام وهي بيده، فأقرَّها رَسُول الله صلعم معه، فهي اليوم إلى بني الْعَبَّاس.