عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من لم يدخل الكعبة
  
              

          ░53▒ (ص) باب مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في ذِكْر مَن لم يدخل الكعبة حين حجَّ، وكأنَّه أشار بهذا إلى الردِّ على مَن زعم أنَّ دخولَ الكعبة مِن مناسك الحجِّ، وذكر في الاحتجاج في ذلك فعلَ ابن عُمَرَ ☻؛ لأنَّه أشهرُ مَن روى عَنِ النَّبِيِّ صلعم دخول الكعبة، فلو كان دخولُها عِنْدَهُ مِنَ المناسك؛ لَمَا أخلَّ به مع كثرة اتِّبَاعِه.
          (ص) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحُجُّ كَثِيرًا وَلَا يَدْخُلُ.
          (ش) وصل هذا المعلَّقَ سُفْيَانُ الثَّوْريُّ في «جامعه» رِوَايَة عَبْد اللهِ بن الْوَلِيدِ العَدَنيِّ عنه عن حَنْظلة عَنْ طَاوُوس قال: كان ابن عُمَرَ [يحجُّ كثيرًا ولا يدخل البيت، وفي «التَّلْوِيحِ»: هذا معارِضٌ لِمَا ذكره البُخَاريُّ قبل: كان ابن عُمَرَ] إذا دخل البيتَ مشى... الحديث.
          قُلْت: لا معارضةَ؛ لأنَّه يُحمَل على وقتٍ دون وقتٍ، وروى مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّما أُمِرتم بالطَّوَاف، ولم تؤمروا بدخوله، أخبرني أُسَامَةُ أنَّ النَّبِيَّ صلعم لمَّا دخل البيت؛ دعا في نواحيه كلِّها ولم يصلِّ فيه حَتَّى خرج، فلمَّا خرج ركع في قِبل البيت ركعتين وقال: هذه القِبلة، وزاد الْحَاكِم: قال عَطَاء: لم يكن ينهى عن دخوله، ولكن سمعته يقول: أخبرني أُسَامَةُ، وعند ابن أبي شَيْبَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاس: يا أيُّها الناس؛ إنَّ دخولَكم البيتَ ليس مِن حجِّكم في شيءٍ، وسندُه صَحِيحٌ، وعن إِبْرَاهِيم: إن شاء دخل، وإن شاء لم يدخل، / وقال خَيْثَمة: لا يضرُّك والله ألَّا تدخلَه.