عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: ذات عرق لأهل العراق
  
              

          ░13▒ (ص) بابٌُ ذَاتُِ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ.
          (ش) يجوز في (باب) الإضافة والقطع، أَمَّا الأَوَّل فتقديره: هذا بابٌ في بيان أنَّ ذَات عِرْقٍ مُهَلُّ أَهْلِ العراق، وأَمَّا تقدير الثَّانِي: هذا بابٌ يُذكَرُ فيه: ذَاتُ عِرْقٍ لأَهْل الْعِرَاقِ.
          و(ذَاتُ عِرْقٍ) بكسر العين، وقد فسَّرناها في (باب ميقات أَهْل الْمَدِينَةِ) سُمِّيَ بذلك لأنَّ فيه عِرقًا؛ وهو الجبل الصغير، وهي أرضٌ سَبْخةٌ تُنبِتُ الطَّرفاء، وقَالَ الكَرْمَانِيُّ في «مناسكه»: ذَات عِرْقٍ أَوَّلُ بلاد تِهامة، ودونها بميلين ونصفٍ مسجدُ رَسُول اللهِ صلعم ، وهي لبني هلال بن عامر بن صَعصَعة، وبها بِركةٌ تُعرَف بقَصْر الوصيف، وبها مِنَ الآبار الكبار ثَلَاثَةُ آبار، وآبار صغار كثيرون، وبقربه قبر أبي رُغال، وبالقرب منها بستانٌ منه إلى مكَّة ثمانية عشر ميلًا، وفي «الموعَب» لابن التيَّانيِّ: «العِراق» الَّذِي يُجعَلُ على مُلتقى طَرَفَي الجِلد إذا خُرِزَ في أسفل القِربة، وبه سُمِّي العراق؛ لأنَّه بين البرِّ والريف، وقَالَ الجَوْهَريُّ: «العِراق» بلادٌ تذَّكر وتؤنَّث، ويقال: هو فارسيٌّ مُعرَّب، وزعم ابن حَوقَل في «كتاب البلدان» تأليفه: أنَّ حدَّ العراق مِن تكريت إلى عبَّادان، وعرضه مِنَ القادسية إلى الكوفة وبغداد إلى حَلَوان، وعرضه بنواحي واسِط مِن سواد واسِط إلى قريب الطيب، وبنواحي البصرة مِنَ البصرة إلى حدود جَيء، والَّذِي يطيف بحدوده مِن تَكْريت فيما يلي المشرق حَتَّى يجوز بحدود شهرزور، ثُمَّ يمرُّ على حدود حَلَوان وحدود السيروان والصَّيمرة والطيب والسوس حَتَّى ينتهي إلى حدود جيء، ثُمَّ إلى البحر، فيكون في هذا الحدِّ مِن تكريت إلى البحر تقويسٌ، ويرجع على حدِّ الغرب مِن وراء البصرة في البادية على سواد البصرة وبطائحها إلى واسط، ثُمَّ على سواد الكوفة وبطائحها إلى الكوفة، ثُمَّ على ظهر الفرات إلى الأنبار، [ثُمَّ مِن الأنبار إلى حدِّ تكريت بين دجلة والفرات مِن هذا الحدِّ مِنَ البحر على الأنبار] إلى تكريت تقويسٌ أَيْضًا، فهذا المحيط بحدود العراق، وهو مِن تكريت إلى البحر مِمَّا يلي المشرق على تَقْويسه [نحو شهر، ومِنَ البحر راجعًا في حدِّ المغرب على تقويسه إلى تكريت فنحوُ شهر أَيْضًا، وعرضه على سَمْتِ بغداد مِن] حلوان إلى القادسيَّة إحدى عَشْرةَ مرحلةً، وعلى قسمه سُرَّ مَن رأى مِن دجلة إلى شهرَزور والجبل نحو خمس مراحل، والعرض بواسِط إلى نواحي خوزستان نحو أربع مراحل.