عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
  
              

          ░34▒ (ص) باب التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالْحَجِّ، وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ.
          (ش) أَي: هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ التمتُّع؛ وهو أن يُحرِمَ بالعمرة في أشهر الحجِّ، ثُمَّ بعد الفراغ منها يُحرِمُ بالحجِّ في تلك السَّنة.
          قوله: (وَالإِقْرَانِ) بكسر الْهَمْزَة، مِن أَقْرَن بين العمرة والحجِّ، وهو أن يحرم بهما بأن يقول: (لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحجَّة معًا)، وهكذا وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي ذَرٍّ؛ يعني: بكسر الْهَمْزَة في أوَّله، قال عِيَاض: وهو خطأٌ مِن حيث اللغة، وفي «المطالع»: القرن في الحجِّ: جمعُه بين الْحَجِّ وَالْعُمْرَة في الإحرام، يقال منه: قَرن، ولا يقال: أَقْرَن.
          قُلْت: رُويَ عنه صلعم أنَّهُ نهى عن القِرَان «إلَّا أن يستأذن أحدكم صاحبه»، قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: ويُروى: عن الإقران، فإذا رويَ (الإقران) في كلام الفصيح؛ كيف يقال: إنَّهُ غلط؟ وكيف يقال: قَرَن، ولا يقال: أقرن؟ فـ(القِران) مِن الثُّلاثيِّ، و(الإقران) مِنَ المزيد، مِن قَرَن يقرِنُ من (باب ضَرَب يضرِب)، قاله ابْن التِّينِ، وفي «المحكَم» و«الصحاح»: من «باب نصَر ينصُرُ».
          قوله: (وَالإِفْرَادِ بِالْحَجِّ) وهو الإحرام بالحجِّ وحده.
          قوله: (وَفَسْخِ الْحَجِّ) وهو أن يحرم بالحجِّ ثُمَّ يتحلَّل منه بعمل عمرة، فيصير مُتمتِّعًا، أَمَّا القِران والإفراد بالحجِّ؛ فلا خلافَ في جوازهما، وأَمَّا فسخ الحجِّ ففي جوازه خلافٌ، وَقالَ بَعْضُهُمْ: وظاهرُ تصرُّف المصنِّف إجازتُه، فإنَّ تقدير التَّرْجَمَة: باب مشروعيَّة التمتُّع... إِلَى آخِرِهِ.
          قُلْت: لا نسلِّم هذا التقدير، بل الظاهر أنَّ التقدير: بابٌ في بيان التمتُّع... إِلَى آخِرِهِ، وهو أعمُّ مِمَّا ذكره.
          قوله: (لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ) قيَّد به؛ لأنَّ مَن ساق الهديَ معه لا يجوز له فسخُ الحجِّ إلى العمرة.