عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الوقوف بعرفة
  
              

          ░91▒ (ص) بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان أنَّ الوقوفَ إِنَّما يكون بعرفةَ دونَ غيرها مِنَ المواضع؛ وذلك أنَّ قريشًا كانوا يقولون: نحن أهلُ الله، فلا نخرجُ مِنَ الحَرَمِ، وكان غيرُهم يقفون بعرفةَ، وعرفةُ خارج الحَرَمِ، فبيَّن الله تعالى في قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}[البقرة:199] أنَّ الإفاضةَ إِنَّما تكونُ مِن موقف عرفةَ الذي كان يقف فيه سائرُ النَّاس دونَ غيرِه من موقف قريشٍ عند المشعر الحرام، وكانوا يقولون: عِزُّنا بالحرم وسُكْنَانا فيه، ونحن جيرانُ الله، فلا نرى الخروج عنه إلى الحلِّ عند وقوفنا في الحجِّ، فلا نفارق عزَّنا وما حرَّم الله تعالى به أموالَنا ودماءَنا، وكانت طوائفُ العرب يقفون في موقف إبراهيمَ ◙ [مِن عرفةَ، وكان وقوفُ النَّبِيِّ صلعم أيضًا في موقف إبراهيمَ ◙ ] قبلَ أن ينزلَ عليه الوحيُ توفيقًا مِنَ الله تعالى له على ذلك.