-
خطبة الشارح
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب صفة الصلاة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء؟
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع على عهد النبي
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارا أو ليلا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرا أو شيئا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على الوضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج إلى منى
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة يوم عرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب متى يصلي الفجر بجمع؟
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلده
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب من نحر بيده
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
كتاب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
كتاب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░33▒ (ص) بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ]}[البقرة:197].
(ش) أَي: هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ تَفْسِير قولِ اللَّه تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ}، الكلام فيها على أنواع:
الأَوَّل: في إعرابها:
فقوله: ({الْحَجُّ}) مبتدأ، وقوله: ({أَشْهُرٌ}) خبره، وقوله: ({مَّعْلُومَاتٌ}) صفة (الأشهر)، ومِن شرط الخبر أن يصحَّ به الإخبار عن المبتدأ، فلا يصحَّ أن يخبر بـ(الأشهر) عن (الحجِّ) ؛ فلذلك قُدِّرَ فيه حذفٌ؛ تقديره: وقتُ الحج أشهرٌ معلومات، ويقال: تقديره: الحجُّ حجُّ أشهرٍ معلومات، فعلى الأَوَّل المقدَّر قبل المبتدأ، وعلى الثَّانِي قبل الخبر، والخبر وإن كان يصلح فيه تقديرُ كلمة (في) فلا يقال إلَّا بالرفع، وكذلك كلامُ العرب، يقولون: البَرْدُ شهران، فلا ينصبونه، وقال الواحديُّ: يمكنُ حملُه على غير إضمار، وهو أنَّ الأشهر جُعِلت نفسَ الحجِّ اتِّساعًا؛ لكون الحجِّ يقع فيها؛ كقولهم: ليلٌ نائمٌ.
قوله: ({أَشْهُرٌ}) جمع (شهر) وليس الْمُرَادَ مِنْه ثَلَاثَةُ أشهرٍ كوامِل، ولكنَّ المراد شهران وبعض الثَّالِث، ووجهه أنَّ اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد؛ بدليل قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم:4]، ولو قال: الحجُّ ثَلَاثَة أشهرٍ؛ كان يتوجَّه السُّؤَال، وقيل: نزَّل بعضَ الشهر منزلةَ كلِّه؛ كما يقال: رأيتك سنة كذا، أو على عهد فلان، ولعلَّ العهد عشرون سنةً أو أكثر، وإِنَّما رآه في ساعةٍ منها.
قوله: ({مَعْلُومَاتٍ}) يعني: مَعْرُوفات عند الناس، لا يُشكِل عليهم، قال الزَّمَخْشَريُّ: وفيه: أنَّ الشرع لم يأتِ على خلاف ما عرفوه، وإِنَّما جاء مقرِّرًا له.
قوله: ({فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}) أي: فمن ألزم نفسه بالتلبية أو بتقليد الهدي وسوقه؛ {فَلَا رَفَثَ}، وهو جواب (مَن) الشرطيَّة، وقال القُتبِيُّ: الفرض هو وجوب الشيء، يقال: فرضت عليكم؛ أي: أوجبت، قال اللهُ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[البقرة:237] أي: ألزمتم أنفسكم، وقَالَ ابْنُ عَبَّاس: الفرض التلبية، وقال الضَّحَّاك: هو الإحرام، قال عَطَاء: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ}: مَن أهلَّ فيهنَّ بالحجِّ.
قوله: ({فَلَا رَفَثَ}) نفيٌ، ومعناه النهي؛ أي: فلا ترفثوا، وقرأ ابْن كَثِيرٍ وأَبُو عَمرٍو: {فَلَا رَفَثٌ وَلَا فُسُوقٌ} بالرفع مع التنوين، وقرأ الباقون بالنصب بغير تنوين، واتَّفقوا في قوله: ({وَلَا جِدَالَ}) بالنصب، غير أَبِي جَعْفَر المَدَنِيِّ، فَإِنَّهُ قرأه بالرفع، وهذا يقال له: «لا» التبرِئة، ففي كلِّ موضع يدخُلُ فيه «لا» التبرئة فصاحبُه بالخيار، إن شاء نصبه بغير تنوين، وإن شاء ضمَّه بالتنوين، وقال الزَّمَخْشَريُّ: وَالْمُرَاد بالنفي وجوبُ انتفائها، وأنَّها حقيقة لا تكون، وقُرِئَ المنفيَّات الثلاث بالنصب والرفع، وقرأ أبو عَمْرٍو وابْن كَثِيرٍ الأوَّلين بالرفع والآخر بالنصب؛ لأنَّهما حملا الأوَّلين على معنى النهي؛ كأنَّه [قيل: فلا يكونَنَّ رفثٌ ولا فسوقٌ، والثَّالِث على معنى الإخبار بانتفاء الجدال؛ كأنَّه] قال: ولا شكَّ ولا خلافَ في الحجِّ.
النوع / الثَّانِي: في معناها:
قوله: ({الْحَجُّ}) في اللغة: القصد، مِن قولهم: حججتُ الشيء أحجُّه حَجًّا؛ إذا قصدتَه، وقال الأزهريُّ: وأصل «الحجِّ» مِن قولك: حججتُ فلانًا أحجُّه حجًّا؛ إذا عدتَ إليه مَرَّةً بعد أخرى، فقيل: حجُّ البيت؛ لأنَّ الناس يأتونه كلَّ سنة، و(الحجُّ) في اصطلاح الشرع: قصدٌ إلى زيارة البيت الحرام على وجه التعظيم بأفعالٍ مخصوصة.
قوله: ({أَشْهُرٌ}) جمع (شهر) جمع قلَّة؛ لأنَّه على وزن (أفعُل) بِضَمِّ العين، و(الشهر) عبارة عن الزمان الَّذِي بين الهلالين، واشتقاقه مِن (الشُّهرة)، و(الهلال) أَوَّل ليلةٍ مِنَ الشهر والثانية والثالثة، ثُمَّ هو قمرٌ بعد ذلك إلى آخر الشهر، وفي الليلة الرابعة عَشَر يقال له: بدرٌ؛ لتمامه، وقَالَ الجَوْهَريُّ: إِنَّما سُمِّيَ بدرًا لمبادرته الشمس بالطلوع، وقال الفَرَّاء: هو في أَوَّل ليلةٍ هلالٌ، ثُمَّ قُمَير، ثُمَّ قَمَر، ثُمَّ بَدر.
قوله: ({فَلَا رَفَثَ}) (الرَّفث) الجِماع؛ كما في قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ}[البقرة:187]، وهو حرامٌ على المُحرِم، وكذلك دواعيه مِنَ المباشرة والتقبيلِ ونحو ذلك، وكذا التكلُّم بحضرة النساء، وقَالَ ابْنُ جَرِير: حَدَّثَني يُونُس: أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب: أخبرني يُونُس: أنَّ نافعًا أخبره: أنَّ عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ كان يقول: الرفث: إتيان النساء، والتكلُّم بذلك: الرجالُ والنساءُ إذا ذكروا ذلك بأفواههم، وقَالَ ابْنُ وَهْب: وحَدَّثَنِي أَبُو صخر عن مُحَمَّد بن كعبٍ مثله، وقال عَبْد اللهِ بْن طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ: سألت ابْن عَبَّاس عن قول الله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة:197] قال: الرفث: التعرُّض لذكر الجِماع، وهي «العَرابة» في كلام العرب، وهو أدنى الرفث، وقال عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ: الرفث: الجِماع وما دونه مِن قول الفُحش، وكذا قال عَمْرو بْن دِينَار، وقال: وكانوا يكرهون العَرابة؛ وهو التعريض بذكر الجِماع، وهو محرَّم، وقال طَاوُوس: هو أن يقول للمرأة: إذا حللتِ أصبتُكِ، وكذا قال أَبُو الْعَالِيَةِ، وقَالَ ابْنُ عَبَّاس وابْن عُمَرَ ♥ : الرفث: غِشيان النِّساء، وكذا قال سَعِيد بْن جبير وعِكْرِمَة ومجاهد وإِبْرَاهِيم وأَبُو الْعَالِيَةِ ومَكْحُول وعَطَاء الْخُرَاسَانِيُّ وعَطَاء بْن يسار وعطيَّة والربيع والزُّهْريُّ والسُّدِّيُّ ومَالِك بْن أَنَس ومقاتِلُ بن حيَّان وعَبْد الْكَرِيمِ بْن مَالِك والحسن وقَتَادَة والضَّحَّاك وآخرون.
قوله: ({وَلَا فُسُوقَ}) قال مِقْسَمٌ وغيرُ واحدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاس: هي المعاصي، وكذا قال عَطَاء ومجاهد وطَاوُوس وسَعِيد بْن جبير والحسن والنَّخَعِيُّ وقَتَادَة والزُّهْريُّ ومَكْحُول وعَطَاء الْخُرَاسَانِيُّ وعَطَاء بْن يسار ومقاتل بن حيَّان، وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: الفسوق: ما أُصيب مِنَ معاصي الله، صيدًا أو غيره، وروى ابْن وَهْب عَنْ يُونُسَ عَنْ نَافِعٍ: أنَّ عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ كان يقول: الفسوق: إتيان معاصي الله في الحَرَم، وقال آخرون: الفسوق ههنا: السِّباب، قاله ابْن عَبَّاس وابْن عُمَرَ والزُّهريِّ وابن الزُّبَير ومجاهد والسُّدِّيُّ وإِبْرَاهِيم والحسن، وقد تمسَّك هؤلاء بما في «الصَّحِيحين»: «سِبابُ المُسْلِم فسوقٌ، وقتالُه كفرٌ»، وروى ابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم: الفسوق ههنا: الذبح للأصنام، وقال الضَّحَّاك: الفُسوق: التنابز بالألقاب.
قوله: ({وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}) فيه قولان؛ أحدهما: ولا مجادلةَ في وقت الحج وفي مناسِكه، والثَّانِي: أنَّ الْمُرَاد بـ(الجدال) ههنا المخاصمة، وعن ابْن مَسْعُود في قوله: {وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} قال: أن تماريَ صاحبك حَتَّى تغضبَه، وعَنِ ابْنِ عَبَّاس: الجدال: المِرَاء والمُلاحاة حَتَّى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى اللَّه عن ذلك، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ: الجدال: المِراء والسِّباب والخصومات.
النوع الثَّالِثُ: في الأحكامِ المتعلِّقةِ بأشهرِ الحجِّ:
قال الله تَعَالَى: {أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} وهي: شوَّال، وذو القعدة، وعشر مِن ذي الحجَّة، وَهُو قَولُ أكثر العلماء، وهو المنقول عَنْ عَطَاء وطَاوُوس ومجاهد وإِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ والشَّعْبِيِّ والحسن وابْن سِيرِينَ ومَكْحُول وقَتَادَة والضَّحَّاك والربيع بْن أَنَس ومقاتل بن حيَّان، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ والشَّافِعِيِّ وأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَبِي ثَوْرٍ، واختاره ابْن جَرِير، ويحكى عن عمر وعَلِيٍّ وابْن مَسْعُود وعَبْد اللهِ بن الزُّبَير وابْن عَبَّاس، ♥ ، وقال مَالِك والشَّافِعِيُّ في القديم: هي شوَّال، وذو القعدة، وذو الحجَّة بكماله، وهو رِوَايَة / عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا، وقَالَ ابْنُ جَرِير: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاقَ قال: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد: حَدَّثَنَا شَريك عن إِبْرَاهِيم بن مُهاجِر عن مجاهد عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: شوَّال، وذو القعدة، وذو الحجَّة.
وقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِم في «تَفْسِيره»: حَدَّثَنَا يُونُس بن عَبْد الأَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب: أخبرني ابْن جُرَيْجٍ قال: قلت لنافع: أسمعتَ عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ يسمِّي شهور الحجِّ؟ قال: نعم، كان عَبْد اللهِ يسمِّي شوَّالًا وذا القعدة وذا الحجَّة، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وقال ذلك ابْن شِهَاب وعَطَاء وجَابِر بْن عَبْد اللهِ صاحب النَّبِيِّ صلعم ، وهذا إسنادٌ صَحِيح إلى ابْن جُرَيْج، وحُكيَ هذا أَيْضًا عن مجاهد وطَاوُوس وعُرْوَة بْن الزُّبَير والربيع بْن أَنَس وقَتَادَة، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ في «تَفْسِيره»: وجاء فيه حديثٌ مرفوع، ولكنَّه موضوع، رَوَاهُ الحافظ ابن مَرْدويه مِنْ طَرِيقِ حُصَين بن مُخارِق، _وهو متَّهم بالوضع_ عَنْ يُونُسَ بن عُبَيد عن شَهْر بن حَوْشَب عن أبي أمامة قال: قال رَسُول اللهِ صلعم : «أشهر معلومات: شوَّال، وذو القعدة، وذو الحجَّة»، وهذا كما رأيتَ لا يصحُّ رفعه.
واحتجَّ الْجُمْهُور بما علَّقه البُخَاريُّ _على ما يجيء_: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: هي شوال، وذو القعدة، وعشر مِن ذي الحجَّة، ورَوَاهُ ابْن جَرِير: حَدَّثَنِي أَحْمَد بن حازم ابْن أَبِي غَرَزَة: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم: حَدَّثَنَا ورقاء عن عَبْد اللهِ بْن دِينَار عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أشهر الحجُّ معلومات، قال: شوَّال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجَّة، إسناده صَحِيح، رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضًا في «مستدرَكه» عن الأصمِّ عن الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن عَفَّان، عن عَبْد اللهِ بْن نُمَيْر، عن عُبَيْد اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ...؛ فذكره، وقال: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وعن الْحَاكِم رَوَاهُ البَيْهَقيُّ في «المعرفة» بإسناده ومتنه.
ومِمَّا احتجَّ به مَالِكٌ ما رَوَاهُ الدَّارَقُطْنيُّ في «سننه» عن شريك عن أَبِي إِسْحَاقَ عن الضَّحَّاك عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قال: أشهر الحجِّ: شوَّال، وذو القعدة، وذو الحجَّة، ورَوَاهُ أَيْضًا عن ابْن مَسْعُود نحوه، وعن عَبْد اللهِ بن الزُّبَير نحوه، وقال الطَّبَريُّ: إِنَّما أراد مَن قال: «أشهر الحجِّ شوَّال وذو القعدة وذو الحجَّة» أنَّ هذه الأشهر ليست أشهر العمرة، إِنَّما هي للحجِّ وإن كان الحجُّ ينقضي بانقضاء أيَّام منًى.
قُلْت: الإحرام بالحجِّ فيها أكملُ مِنَ الإحرام به فيما عداها وإن كان صَحِيحًا، والقول بصحَّة الإحرام في جميع السَّنة مذهب مَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَحْمَد وإِسْحَاقَ، وَهُوَ مَذْهَبُ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ والثَّوْريِّ واللَّيْث بْن سعد، ومذهب الشَّافِعِيِّ: أنَّهُ لا يصحُّ الإحرام بالحجِّ إلَّا في أشهر الحجِّ، فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به، وهل ينعقد عُمْرة؟ فيه قولان عنه، والقول بأنَّه لا يصحُّ الإحرام بالحجِّ إلَّا في أشهر الحجِّ مرويٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاس وجابر، وبه يقول طَاوُوس وعَطَاء ومجاهد.
فَإِنْ قُلْتَ: هل يدخل يَوْم النَّحْرِ في عشر ذي الحجَّة أم لا؟
قُلْت: قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَحْمَد: يدخل، وقال الشَّافِعِيُّ: لا يدخل، وهو المشهور المصحَّح عنه، وَقالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّة: تسعٌ مِن ذي الحجَّة، ولا يصحُّ في يَوْم النَّحْرِ ولا ليلته، وهو شاذٌّ.
(ص) وَقَوْلِهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة:189].
(ش) (وَقَوْلِهِ) عطف على (قولِ اللهِ تَعَالَى) أي: وفي بيان تَفْسِير قول اللهِ ╡ ، وقال العَوفيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاس: سأل الناسُ رسولَ اللَّه صلعم عن الأهلَّة، فنزلت هذه الآية يَعلمون بها حلَّ دينهم وعدَّة نسائهم ووقت حجِّهم، وقال أَبُو جَعْفَر عن الربيع عن أَبِي الْعَالِيَةِ: بَلَغَنا أنَّهم قالوا: يا رَسُول اللهِ؛ لم خلقت الأهلَّة؟ فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ}، وقال الواحديُّ: عَنْ مُعَاذ: يا رَسُول اللهِ؛ إنَّ اليهود تغشانا، ويكثرون مسألتنا، فَأَنْزَلَ اللهُ هذه الآية، وقال النَّسَفِيُّ في «تَفْسِيره»: نزلت الآية في عَدِيِّ بن حاتم ومُعَاذ بْن جَبَلٍ، سألا رَسُول اللهِ صلعم عن الهلال، فنزلت؛ أي: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} ما لها تبدو صغيرة ثُمَّ تصير بدورًا ثُمَّ تعود كالعرجون؟ وما معنى تغيِّر أحوالها؟ وقال الكلبيُّ: نزلت في مُعَاذ وثعلبة بن غنمة الأَنْصَاريَّين، قالا: يا رَسُول اللهِ؛ ما بالُ الهلال يبدو دقيقًا مثلَ الخيط، ثُمَّ يزيد ثُمَّ ينقص؟ فنزلت.
و(الأَهِلَّة) جمع (هِلال)، وهو إذا كان لليلةٍ أو ليلتين، وسُمِّيَ به لأنَّ الناس / يرفعون أصواتَهم عند رؤيته.
فَإِنْ قُلْتَ: ما وجهُ ذكر الحجِّ بالخصوص مِن بين العبادات؟
قُلْت: لكونِه أهمَّ وأشقَّ؛ ولهذا ذكر البُخَاريُّ بعضَ هذه الآية.
(ص) وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أشْهُرُ الحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو القِعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحجَّةِ.
(ش) هَذَا التَّعْلِيقُ وصله ابْن جَرِير، وقد ذكرناه عَنْ قَرِيبٍ، ووصله الطَّبَريُّ والدَّارَقُطْنيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ وَرْقاء عن عَبْد اللهِ بْن دِينَار عنه، قال: الحجُّ أشهر معلومات، شوَّال وذو القعدة وعشرٌ مِن ذي الحجَّة.
فَإِنْ قُلْتَ: روى مَالِكٌ في «الموطَّأ» عن عَبْد اللهِ بْن دِينَار عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: مَن اعتمر في أشهر الحجِّ شوَّال أو ذي القعدة أو ذي الحجَّة قبل الحجِّ؛ فقد استمتع؟
قُلْت: لعلَّه تجوَّز في ذكر ذي الحجَّة بكماله، وبهذا يُجمَع بين الروايتين.
(ص) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: مِنَ السُّنَّةِ ألَّا يُحْرِمَ بِالحَجِّ إلَّا فِي أشْهُرِ الحَجِّ.
(ش) هَذَا التَّعْلِيق وصله ابْن خُزَيْمَةَ والْحَاكِم والدَّارَقُطْنيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَم عن مِقْسَمٍ عنه، قال: لا يحرم بالحجِّ إلَّا في أشهر الحجِّ، فإنَّ مِن سُنَّة الحجِّ أن يحرم بالحجِّ في أشهر الحجِّ، وقال الْحَاكِم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وقَالَ الكَرْمَانِيُّ: «مِنَ السُّنَّة» أي: مِنَ الشريعة؛ إذ هو واجب، ولا ينعقد الإحرام بالحجِّ إلَّا في أشهره عند الشَّافِعِيِّ، وأَمَّا عند غيره فلا يصحُّ شيء مِن أفعال الحجِّ إلَّا فيها.
قُلْت: هذا تَفْسِيرٌ على مساعدة ما قاله إمامه، ولكن لا يساعده هذا؛ فإنَّ قوله: (مِنَ السُّنَّةِ) لا يدلُّ على الوجوب قطعًا؛ إذ يحتمل أَنْ يَكُونَ مِنَ السنَّة الَّتِي إذا فعلها كان له أجرٌ، وإذا تركها لا يفسد ما فعله مِنَ الإحرام قبل أشهر الحجِّ، وأَيْضًا قوله: (وأَمَّا عند غيره) فليس بقسيمٍ لِمَا قبله مِمَّا قاله الشَّافِعِيُّ؛ لأنَّ قسيمَه أن يقال: وأَمَّا عند غيره فينعقد الإحرام بالحجِّ قبل أشهر الحجِّ، والَّذِي ذكره متَّفقٌ عليه؛ لأنَّ أفعال الحجِّ قبل أشهر الحجِّ لا تصحُّ بلا خلاف.
(ص) وَكِرِهَ عُثْمَانُ ☺ أنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أوْ كَرْمانَ.
(ش) وهَذَا التَّعْلِيق وصله ابن أبي شَيْبَةَ في «مصنَّفه» عن عَبْد الأَعْلَى عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ: أنَّ ابن عامر أَحرَمَ مِنَ خراسان، فعاب عليه عثمانُ وغيرُه، فكرهوه، وروى أَحْمَد بن سيَّار في «تاريخ مَرْو» مِنْ طَرِيقِ داود بْن أَبِي هند قال: لمَّا فتح عَبْد اللهِ بن عامر خراسان؛ قال: لأجعلنَّ شُكْري لله أن أخرُجَ مِن موضعي هذا مُحرِمًا، فأحرم مِن نَيْسابور، فلمَّا قدِم على عُثْمَان؛ لامَهُ على ما صنع.
قُلْت: عَبْد اللهِ بن عامر بن كُرَيز بْن رَبِيعَةَ بْن حَبِيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ القرشيُّ العَبْشَمِيُّ، ابن خال عُثْمَان بْن عَفَّان، وُلِدَ في حياة رَسُول اللهِ صلعم ، وتفل في فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلعم ، واستنابه عُثْمَانُ على البصرة بعد أبي مُوسَى الأشعريِّ، وولَّاه بلاد فارس بعد عُثْمَان بْن أَبِي العاص، وعُمرُه إذ ذاك خمسٌ وعشرون سنة، ففتح خُرَاسان كلَّها وأطرافَ فارس وكَرْمَان وسِجِسْتَان وبلاد غَزْنَة، وقُتِلَ كِسْرى في أيامه وهو يَزْدَجرْد، مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَان وَخَمْسِينَ مِن الْهِجْرَةِ.
وأَمَّا (خراسان) فإقليمٌ واسع مِن الغرب المفازة الَّتِي بينها وبين بلاد الجبل وجُرْجان، ومِن الجنوب مفازة واصلة بينها وبين فارس وقَوْمس، ومِن الشرق نواحي سِجِستان وبلاد الهِند، ومِن الشمال بلاد ما وراء النهر وشيء مِن تركستان، وخُراسان تشتمل على كُوَر كثيرة، كلُّ كَوْرةٍ منها نحوُ إقليم، ولها مدنٌ كثيرة؛ منها: بلخ في وسط خُراسان، خرج منها خلقٌ مِن الأئِمَّة والعلماء والصالحين لا يُحصَون، ومنها: جُرْجان وطَالَقان وطَابَران وكَشْميهَن ونَسَا وهَراة.
وأَمَّا (كَِرْمَان) فبفتحِ الكاف، وقيل: بكسرها، وفي «المشترك»: هو صقع كبير بين فارس وسِجِستان، وحدُّها متَّصل بخراسان، ومِن بلادها المشهورة: زَرَنْد والسِّيرَجَان، وهي مِن أكبر مدن كَرمان.