نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث عقبة: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم

          6590- (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ) بفتح العين، الجزري _بالجيم والزاي والراء_ الحرَّاني سكن مصر، قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) هو: ابنُ سعدٍ الإمام (عَنْ يَزِيدَ) من الزِّيادة، هو: ابنُ حبيب سويد أبي رجاء المصري (عَنْ أَبِي الْخَيْرِ) مَرْثَد _بفتح الميم وسكون الراء وفتح المثلثة آخره دال مهملة_ ابن عبد الله اليزني (عَنْ عُقْبَةَ) أي: ابن عامر بن عبس، أبي الأسود الجهني ☺.
          (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم خَرَجَ يَوْماً) إلى البقيع (فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ) الَّذين استشهدوا في وقعته (صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ) أي: دعا لهم / بدعاء صلاة الميِّت، قاله الكرماني، وقيل: صلَّى صلاة الموتى، وهو ظاهرُ الحديث، وكان ذلك بعد موتهم بثمانية أعوام.
          (ثُمَّ انْصَرَفَ) وفي رواية زيادة: <فصعد> (عَلَى الْمِنْبَرِ) كالمودِّع للأحياء والأموات (فَقَالَ: إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ) وفي رواية أبي ذرٍّ عن الحمويي والمستملي: <فرطكم> أي: سابقكم، وفيه إشارةٌ إلى قُرب وفاته وتقدُّمه على أصحابه (وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ) أشهدُ عليكم بأعمالكم، تعرضُ عليَّ أعمالكم (وَإِنِّي وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ) يحتمل أن يكون كُشِفَ له عنه لمَّا خطب، وهذا هو الظَّاهر، ويحتمل أن يريدَ رؤية القلب.
          وقال ابن التِّين السَّفاقسي: النُّكتة في ذكره عقيب التَّحذير الَّذي قبله أنَّه يشيرُ إلى تحذيرهم من فعل ما يقتضي إبعادهم عن الحوض.
          (وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ) شكٌّ من الرَّاوي، والمراد ما يُفتح على أمَّته من المُلْك والكنوز بعده (وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي) أي: ما أخاف على جميعكم الإشراك بالله؛ لأنَّ ذلك قد وقع من بعضِ الأعراب فارتدوا (وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا) أصله: تتنافسوا، فحذفت إحدى التاءين (فِيهَا) أي: في الخزائن المذكورة أو في الدُّنيا كما في مسلم، والتَّنافس: الرَّغبة في الشَّيء. وفي الحديث عدَّة معجزاتٍ لرسول الله صلعم .
          وقد سبق الحديث في «كتاب الجنائز»، فيما يتعلق بالصَّلاة على الشَّهداء [خ¦1344]، وفي «علامات النبوة» فيما يتعلق بذلك [خ¦3596].