نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: إن أناسًا يزعمون أنه نهر في الجنة

          6578- (حَدَّثَنِي) بالإفراد، وفي رواية أبي ذرٍّ: <حدَّثنا> (عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ) بفتح العين، ابن محمد بن بكير النَّاقد _بالنون_ البغدادي، وهو شيخ مسلمٍ أيضاً، قال: (أَخْبَرَنَا) وفي «اليونينية»: <حدَّثنا> (هُشَيْمٌ) بضم الهاء وفتح المعجمة، ابن بَشِير _بفتح الموحدة وكسر المعجمة_ بوزن عظيم، ابن القاسم بن دينار السُّلمي، أبو معاوية الواسطي حافظُ بغداد، وضبط العيني لفظ: «بُشَير» _بضم الموحدة_ على صيغة التَّصغير. /
          قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، هو جعفرُ بن أبي وحشية، واسمه: إياس (وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ) الكوفي من صغار التَّابعين، صدوقٌ لكنَّه اختلط آخر عمره، وهُشيم سمع منه بعد اختلاطه، فلذلك أخرج له البخاري مقروناً بأبي بشر (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ ، أنَّه (قَالَ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ) أي: النَّبي صلعم من النُّبوَّة، والقرآن، والخلق الحسن العظيم، وكثرة الأتباع، والعلم، والشَّفاعة، والمقام المحمود، وغيرها ممَّا أنعم الله تعالى به عليه.
          (قَالَ أَبُو بِشْرٍ) جعفر بن أبي وحشيَّة (قُلْتُ) وفي رواية أبي ذرٍّ: <فقلت> بالفاء (لِسَعِيدٍ) هو: ابنُ جبير (إِنَّ أُنَاساً) بضم الهمزة، وفي رواية أبي ذرٍّ: <إن ناساً> بحذف الهمزة، وسبق في «التفسير» [خ¦4966] أنَّ من النَّاس أبا إسحاق وقتادة (يَزْعُمُونَ أَنَّهُ) أي: الكوثر (نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ) وهذا تأويلٌ من سعيد جمع فيه بين حديثي عائشة وابن عبَّاس ♥ فلا تنافي بينهما؛ لأنَّ النَّهر فردٌ من أفراد الخير الكثير. قال الهروي: جاء في التَّفسير أنه؛ أي: الكوثر: القرآن والنُّبوَّة.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرة. وقد مضى في «تفسير سورة الكوثر» [خ¦4966].