نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الخوف من الله

          ░25▒ (بابُ) فضل (الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ) ╡، وهو من المقامات العليَّة، وهو من لوازم الإيمان، قال الله تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]، وقد تقدَّم حديث: ((أنا أعلَمكم بالله وأشدُّكم له خشيةً)) [خ¦6101]، وكلما كان العبد أقرب إلى ربَّه كان أشدَّ له خشيةً ممَّن دونه.
          وقد وصف الله تعالى الملائكة بقوله: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل:50]، والأنبياء ╫ بقوله: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ} [الأحزاب:39]، وإنَّما كان خوف المقرَّبين أشدُّ؛ لأنَّهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم، فيُراعون تلك المنزلة، فالعبد إن كان مستقيماً فخوفه من سوء العاقبة؛ لقوله تعالى: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال:24] أو نقصان الدَّرجة السَّنية، وإن كان مائلاً فخوفه من سوء فعله، وينفعه ذلك مع النَّدم والإقلاع، فإنَّ الخوف ينشأُ من معرفة قبح الجناية والتَّصديق بالوعيد عليها، وأن يُحرم التَّوبة، أو لا يكون ممَّن شاء الله أن يغفرَ له فهو مشفقٌ من ذنبه طالبٌ من ربِّه أنَّ يدخلَه في مَن يغفر له.
          ويدخل في هذا الباب الحديث الَّذي قبله، وفيه أيضاً: ((ورجلٌ دعته امرأة ذات جمالٍ ومال فقال: إنِّي أخاف الله)) [خ¦660]. وحديث الثَّلاثة أصحاب الغار: فإنَّ أحدهم الَّذي عفَّ عن المرأة خوفاً من الله، وترك لها المال الَّذي أعطاها، وقد تقدَّم بيانه في «ذكر بني إسرائيل» من «أحاديث الأنبياء» [خ¦3465].